أعاني دائمًا من التشتت وعدم الثقة في النفس.. أرشدوني

0 28

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب عمري 27 سنة، حاصل على بكالوريوس هندسة، ولكني أعاني دائما من أفكار وسواسية بخصوص العمل، مثل أنني سوف أفشل في العمل، أو أن ذلك العمل سوف يجعل حياتي سيئة، أو أني لا أحب ذلك العمل، أو أنني مميز في عمل آخر لا أعرفه الآن، أو أن ذلك العمل سيجعلني فقيرا, كنت أتجاهل تلك الأفكار إلى أن تم تعييني في عمل، ولم أكمل شهرا واحدا، وقدمت استقالتي بسبب تلك الأفكار، وبسبب التوتر والقلق وحالة الهلع التي كانت تأتيني.

أنا الآن بلا عمل وأي فرصة توظيف أرفضها بسبب تلك الأفكار, كنت قد تناولت لورستورال واستمررت عليه لمدة سنة، ولكن تلك الأفكار لم تنته، وذهبت إلى دكتور آخر، وكتب لي على سيكولانز وديورازاك وستاتومين، وبفضل الله ثم بفضل الدواء تحسنت حالتي جدا، وانتهت تلك الأفكار، ولكني انتكست مرة أخرى، وأنا الآن مستمر على ايفكسور 150وابليفاي 5، ولكن تلك الأفكار ما زالت مستمرة, حالتي تسوء جدا بسبب عدم عملي وعدم معرفة ما هو العمل المناسب لي؟

تلك الأفكار تسبب لي اكتئابا شديدا وأرقا، وعدم راحة، وتشتت، وعدم تركيز، أنا لا أعرف ما السبب، وكيف أتخلص من تلك الأفكار؟ وما العلاج المناسب لي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أخي: الذي تعاني منه لا شك أنه نوع من قلق المخاوف الوسواسي، وأنت لديك مخاوف قلقية وسواسية استباقية، بمعنى أنك تضع افتراضات سلبية فيما يتعلق بالعمل، وهذا بالفعل من أسخف أنواع الوساوس الفكرية، لكنه ليس خطيرا؛ لأن الإنسان إذا ربط نفسه بالواقع وأدرك الحجم الحقيقي لهذه الوساوس وأنها وساوس حقيرة ولا تستحق أن يتبعها الإنسان أو يصدقها أو حتى يفكر فيها، ويكون علاجها بالتجاهل التام، مع تناول الدواء والعلاج الصحيح؛ قطعا الإنسان سوف يتخلص منها.

فيا أخي الكريم: عليك بإجراء تمارين ذهنية سلوكية معرفية، بأن تواجه هذه الأفكار من خلال ثلاث محاور سلوكية:
المحور الأول هو ما نسميه بإيقاف الأفكار، خاطب الأفكار هذه في جلسة علاجية يوميا، تجلس في غرفة هادئة وتخاطب الأفكار مباشرة قائلا: (قفي، قفي، قفي، أنت أفكار وسواسية حقيرة، أنا لن أهتم بك أبدا ...) وهكذا، تكرر هذا لمدة دقيقتين على الأقل.

ثم تقوم بتمرين آخر – وهذا تمرين مهم – يسمى (التنفير عن الأفكار الوسواسية) أيا كانت، وذلك بأن تقوم مثلا بالضرب على يدك بقوة وشدة على جسم صلب، كسطح الطاولة، ويجب أن تحس بالألم، ألم شديد، وتربط هذا الألم بالفكرة الوسواسية، تكرر هذا التمرين عشرين مرة متتالية.

هذا الربط ما بين إيقاع الألم أو الألم ذاته بالفكرة الوسواسية سوف يضعف الوسواس كثيرا، وكذلك القلق والمخاوف؛ لأن القاعدة السلوكية تقول أن الأشياء المتنافرة والمتضادة لا تلتقي في حيز فكري واحد، فإذا الألم سوف يضعف الوسواس.

والتمرين الثالث هو (صرف الانتباه) ومن خلال صرف الانتباه تأتي بالفكرة الوسواسية دون أن تحللها وفجأة تنتقل لفكرة أخرى، فكرة إيجابية، فكرة جميلة، تتأمل في الكون، تتأمل في شيء جميل، تتأمل في جسدك، أو مثلا تتأمل في التنفس لديك، كيف أن الهواء يدخل في الرئتين، وكيف أن الأكسجين هو الذي يولد عندنا الطاقات، وتقوم بعد التنفس لمدة دقيقة ... وهكذا.

هذه التمارين تمارين ممتازة جدا، إذا داومت عليها وفي ذات الوقت حقرت الوساوس؛ أعتقد أنك سوف تعالج نفسك تماما.

العلاج الدوائي: طبعا الـ (إفيكسور) دواء لا يفيد في علاج الوساوس، إنما هو دواء لتحسين المزاج، ومضاد للاكتئاب ممتاز، والـ (إبليفاي) بجرعة خمسة مليجرام دواء داعم ممتاز جدا لعلاج الاكتئاب، ولعلاج الوساوس أيضا.

أنا أعتقد أن عقار (ديورازاك) وهو الـ (فلوكستين) أو ما يعرف باسم (بروزاك)، والذي كنت تتناوله سلفا سيكون عقارا ممتازا ودواء جيدا، فإذا شاور طبيبك حول تناول الـ (فلوكستين) كبديل للإفيكسور، وطبعا الإفيكسور لا يمكن التوقف عنه مباشرة؛ لأنه دواء يسبب آثار انسحابية شديدة، إنما تخفض الجرعة إلى خمسة وسبعين مليجراما يوميا، وتبدأ في ذات الوقت في تناول الفلوكستين، وبعد أسبوعين مثلا تزيد جرعة الفلوكستين وتجعل جرعة الإفيكسور 37,5 مليجرام، يوميا لمدة أسبوعين آخرين، ثم 37,5 مليجرام يوما بعد يوم لمدة أسبوع، ثم تتوقف عن تناوله.

فإذا هذا هو الذي أراه، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات