السؤال
السلام عليكم
أنا دائما أعامل الناس بالحسنى والخلق والمسامحة، حتى إن عاملوني بالسوء، لكن دائما يقابل هذا السماح وحسن الخلق زيادة في المعاملة السيئة، وأنا تعبت نفسيا، أحس باختناق وحزن شديد، بسبب تصرفات الناس معي، وبسبب مسامحتي الدائمة لهم دون فائدة، فهل مباح لي شرعا أن أعاملهم بمثل ما يعاملوني أم ماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أخي الحبيب- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك في عمرك، وأن يحفظك من كل مكروه وسوء.
أولا: جزاك الله خيرا على ما قدمت وبذلت من عفو تجاه من أساء إليك، وهذا ليس عن ضعف منك، فإن الجميع يستطيع رد العدوان ولو بالسب.
أما أهل الإيمان فهم الذين يكظمون الغيظ طمعا في رضوان الله تعالى، لإنهم يعلمون أن أجرهم على الله، كما قال تعالى: (فمن عفا وأصلح فأجره على الله) {الشورى:40}، وقال: (ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور) {الشورى:43}، وقال -صلى الله عليه وسلم-: وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا. أخرجه مسلم.
يعلمون كذلك أن العفو سبب لنيل عفو الله عنك، فإن الجزاء من جنس العمل، قال تعالى: (وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم) {النور:22}. وإذا عفوت عنهم، وفاك الله الأجر موفورا، ونلت من الثواب ما لا يعلمه غيره سبحانه.
لكن إذا علمت أن شخصا ما لا يزيده عفوك إلا شططا وغضبا وسوء أدب، فإننا ننصحك بما يلي:
1- الابتعاد عنه وتجنب الحديث معه، وقد أرشدنا القرآن إلى ذلك حين قال: (وإذا خاطبهم الجاهون قالوا سلاما).
2- إذا لم تستطع، فيجوز لك رد العدوان بالمثل على ألا تزيد، لقول الله تعالى: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) {البقرة:194}. ولقوله: (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) {النحل:126}.
عليه فأصل رد العدوان قائم كما قال تعالى: (والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون * وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين * ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل) {الشورى:39 -41}.
في فتح الباري لابن حجر، قال: روى الطبري من طريق السدي قال في قوله إلا من ظلم أي فانتصر بمثل ما ظلم به فليس عليه ملام.
هذا وإن كنا ندعوك إلى العفو أولا، فإن لم تستطع فابتعد عن أهل السوء.
بارك الله فيك وكتب أجرك، والله المستعان.