السؤال
السلام عليكم
أنا متزوج، وعندي بنت عمرها ٥ سنين، ومغترب وأسافر كل سنة لمدة شهر، ولا أستطيع حاليا أن أكون مع عائلتي والسفر إليهم إلا بهذا الوضع بحكم قوانين البلد التي أنا فيها، فلا أستطيع عمل زيارة لها ولا إقامة، وصبر زوجتي نفذ، وتخيرني إما أن أستقر في بلدي، وهذا صعب جدا؛ لظروف المعيشة ولا تستطيع الصبر لحين فتح الزيارات أو السماح بالإقامة لتستقر معي.
عرضت عليها أن أسافر كل ٦ أشهر، وهذا مكلف جدا علي، لكنها رفضت، أنا رافض لموضوع الطلاق، فما النصيحة؟ علما أني من قبل أن أتزوج وأنا مسافر.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رامي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك ابننا الكريم في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على أسرتك واستقرارها، ونحيي هذه المشاعر التي دفعتك للكتابة إلينا، ونسأل الله أن يعينك على اتخاذ القرار الصحيح، ويكتب لك ولها السعادة والاستقرار.
لا شك أن هذه الأمور ينبغي أن يكون هناك اتفاق بين الزوج وبين الزوجة، والإنسان حقيقة ما تزوج إلا ليكون مع أهله أو يكونوا معه، ونحن نحب أن نؤكد أن بعد الزوجة عن زوجها هو تضحيات من الطرفين، وأن هذه التضحيات ينبغي أن يكون متفقا عليها، وكل الأطراف راضية بها؛ لأنها تحقق مصلحة في تأسيس بيت وكفالة ما تحتاجه الأسرة، أو على الأقل إعداد مورد من موارد الرزق الثابتة التي يستطيع الإنسان إذا رجع أن يتحرك بها، يطلب الرزق من الله الرزاق سبحانه وتعالى.
وإذا كانت الزوجة ترفض بقاءك بهذه الطريقة لاعتبارات شرعية، فنحن نميل إلى المحافظة على الأسرة، والمحافظة على البيت، وعدم المسارعة بأمر الطلاق.
ونحب أن نؤكد أيضا – وهذه مسألة مهمة في حوارك مع الزوجة – بحيث تضعوا نقاطا واضحة لمستقبل حياتكم، وطبعا نحن لا نعرف الظروف التي عندك، كم عندك من الأموال؟ وماذا عندك من الممتلكات؟ وما هي الفرص المتاحة للعيش في أمن وأمان في البلد؟ ولكن معروف أن الفاروق عمر كان يرجع المجاهدين كل ستة أشهر، وهذا فعله بعد استشارة حفصة أم المؤمنين وبنت الفاروق رضي الله عنه وعنها، وأن هذا هو المدى الذي يمكن أن تصبر له المرأة، ولذلك كان عمر يجبر المجاهدين في سبيل الله أن يعودوا كل ستة أشهر، ثم بعد ذلك يذهبوا ليواصلوا جهادهم ورباطهم في سبيل الله تبارك وتعالى.
وعليه: الحكم في هذه المسألة يكون بالنقاش والحوار والتراضي بينكم، وأرجو أن تصطحب هذه المعاني: مستقبل الأسرة، الفرص المتاحة، إمكانية أن تكون معك، أن تكون معها، يعني: هذه الأمور هي قابلة للحوار، لكن إذا تعذر الأمر – وهي أثبتت أنها تتضرر لهذا الغياب – فلا بد من تنفيذ طلبها، أو الذهاب للخيار الآخر وهو طلب الطلاق، وهذا ما لا نريده؛ لأن من حقها أن تختار حياتها إذا كانت لا تستطيع أن تصبر ببعد الزوج هذه المدة الطويلة.
فنتمنى أن تصلوا إلى حل مناسب يضمن مصلحة الطرفين، ويحقق أيضا مصلحة هذه الطفلة التي تحتاج إلى أمور مهمة في حياتها من تعليم وعلاج ونحو ذلك، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.