كيف أتعامل مع زوجي في حال خالف شروط زواجنا؟

0 34

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تزوجت منذ سنتين، واشترطت على زوجي السكن المستقل، لدى زوجي طفلة من زواجه السابق، اتفقنا أن أربيها أنا، ولا أحد يتدخل بتربيتها، وبعد السكنى بسكن مستقل لشهرين وافقت على السكنى ببيت أهله، علما بأن أخاه يسكن فيه أيضا، واشترطت أن نخرج من البيت إن حصلت مشاكل.

بالفعل حصلت بيننا بعض المشاكل، بسبب تدخل أهل زوجي في تربية بنته، واتهامي بعدم حسن تربيتها، وعدم الاهتمام بها، فذهبت لبيت أخي منذ سنة، فوعدني زوجي إن عدت للبيت سنسكن في بيت مستقل، فعدت لوحدي ومنعه والداه من أن يعيدني هو، وأراد أن ينفذ وعده معي أكثر من مرة، ولكن عند كل مرة يمنعه والداه ويغضبون عليه، ويقولون له: أنت تبحث عن رضا زوجتك لا رضا والديك! مع أن زوجي شديد الحرص على رضا والديه بأي شكل من الأشكال، منها أنه منعني من التدريس رغم اشتراطي بعقد الزواج أن لا يمنعني، لكن والديه قالا له: "ما عندنا بنات يشتغلن" وذكرت زوجي بالشرط فقال لي هذا الأمر الحاضر.

في كل مرة يغضب أهل زوجي وتعود آثار هذا الغضب علي، ويقول لي زوجي: أنا السبب في غضب أهله، ويغير رأيه في الخروج من البيت، مع أنه يعلم يقينا أن الآثار الإيجابية على أسرتنا كثيرة.

لا أجد راحة في هذا البيت المشترك، وتمضي أوقاتنا في ما لا فائدة منه، فقررت أن أذهب لبيت أخي مرة أخرى أنا وولدي، وأدعو زوجي أن يوفي بشروط زواجنا، فأشيروا علي، جزاكم الله خيرا.

علما بأن زوجي كريم لين، أجد الراحة معه لولا أنه لم يوف بشروط زواجنا، وأنه يطيع أهله في كل شيء، حتى لو به مضرة على عائلته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وأن يسعدك الله في الدنيا والآخرة.

أختنا الفاضلة: يقولون دائما: الحكم على الشيء فرع عن تصوره، والإنسان إذا غابت عنه الصورة كاملة من زواياها الكلية وأبعادها المختلفة حتما سيكون منه الحكم مجانبا للصواب، ونحن هنا جميعا نضع الصورة كاملة أمامك:

أولا: في الزوج مميزات عدة منها: الكرم، والوفاء، والحرص عليك، وحبه لأهله وعدم إرادة مخالفتهم طمعا في إرضاء الله تعالى، ومثل هذا الرجل يعد مكسبا لأي امرأة، وهذا لا يعني أنه خال من العيوب، فلا يوجد بشر بلا عيب، والحكم على الرجل هو الحكم بمجموع صفاته.

ثانيا: ليس في حياتكم ما يشير إلى وجود مشاكل عميقة، وهذه نقطة إيجابية أخرى.

ثالثا: لك من الزوج مولود، وبالطبع هذا من فضل الله عليك وعليه، ونسأل الله أن يبارك لكم فيه.

رابعا: حتى تكتمل الصورة لا بد من البحث عن حتمية الابتلاء بينكما، لعلك لاحظت كلمة (حتمية) وذلك أن البلاء -أختنا- قرين النعيم، وأنه مرافق للإنسان في حياته، كما قال تعالى: (الذى خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا) وقد قال الشاعر قديما:

ثمانية لا بـد منها على الفتى *** ولا بد أن تجري عليه الثمانية
سرور وهم واجتماع وفرقة *** وعسر ويسر ثم سقم وعافية

هذه طبيعة الدنيا، لا بد من وجود الابتلاء، ومن يريدها من دونه فقد طلب المحال:

جبلت على كدر وأنت تريدها ،،، صفوا من الأقذاء والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها ،،، متطلب في الماء جذوة نار
فالعيش نوم والمنية يقظة ،،، والمرء بينهما خيال سار
وإذا رجوت المستحيل فإنما ،،، تبني الرجاء على شفير هار

قال بعض السلف: (لولا مصائب الدنيا مع الاحتساب لوردنا القيامة مفاليس)، وعليه فتواجدك في بيت أهل زوجك وطريقة المعاملة معها هو ابتلاء، قد وضعك الله فيه.
والناس أمام الابتلاء قسمان:

1- قسم يضخمه ليجعله حياته، ويتناسى مع وجوده كثيرا من النعم التي أنعم الله بها عليه، فيهرب من حياته كلها ليجد نفسه قد وقع في مشاكل أكبر، كأنه كما قيل: مستجير من الرمضاء بالنار.

2-قسم آخر يضع الأمور في نصابها فيحدد المشكلة بهدوء، ويكتب المميزات والسلبيات، ثم يبحث في آلية تقليل الشر أو التعايش معه، ويحدد المشاكل ويضع لها جدولا، فالمشاكل الدائمة التي لا يمكن علاجها؛ يتعايش معها ويجتهد في عدم تطويرها، والمشاكل التي تعالج يبدأ فيها بالأسهل فالأسهل، وهذه النوعية من البشر لا يمر عليهم يوم إلا ويتقدمون خطوة، وهذا هو الفائز.

عليه، فإننا لا ننصحك أبدا بترك بيتك، ولا بترك إلفك، وإنما بوضع خطة للحفاظ على الزوج والولد والبيت، والاستقرار مع تحمل بعض الابتلاءات في مقابل ذلك، علما بأن ترك البيت أيضا ابتلاء، وتداعياته ربما تكون أكثر، وقد جربت قبل ذلك، -أختنا- وعليه فإذا كان الابتلاء في خيار البعد أو خيار البقاء فإننا نرى الصواب، بل إن الطريق الوحيد للسعادة والحفاظ على بيتك هو في إيجاد طريقة ما، للتأقلم مع الوضع الحالي، والاجتهاد في بناء جسر من الود، ولو على الحد الأدنى مع أهل الزوج، حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.

هذا ما ننصحك به، ونسأل الله أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات