والدنا ينتقصنا ويريدنا أن نقطع الصلة مع أهل أمي!

0 29

السؤال

والدي سبب لي الكثير من الصدمات والمشاكل النفسية، والجسدية أيضا، نتيجة التوتر المستمر، وكلها مشاكل لا علاقة لنا بها، كنت دائما ومنذ صغري أدعو له بالهداية، لكن مع الأيام كل شيء زاد تعقيدا، أنا وإخوتي كلنا نشعر بمشاعر سلبية جدا، وخيبة أمل، لا أحد قادر على التركيز، نريد بناء مستقبلنا، وأن نرتاح، ولكن لا شيء يسمح بهذا.

والدي قال لي أنا وإخوتي: من لا يعادي أعدائي فهو عدوي، يريدنا أن نقطع التواصل مع أهل أمي ولا نزورهم أبدا، رغم أنهم لم يسيئوا له، فهو كثير الحقد على الناس، وأن نقف ضد أمي ونعاديها، وكان موقفنا أن نلتزم الحياد، فنحن نحترم أمي وأبي ونحبهما، ونبر والدي ووالدتي، لكن لا يعجبه ذلك، فهو الآن يتكلم علينا ويشوه سمعتنا، ويتكلم علينا بما ليس فينا، ويكره الناس فينا، من أقاربه، وخائفون أن يستمر بأذيتنا بتشويه سمعتنا أكثر من ذلك، في الجامعة وفي العمل، كل الناس يمدحوننا ويمدحون أخلاقنا.

لقد صرنا خائفين أن نصل لمرحلة يكرهنا فيها الجميع، مما سيعوق مستقبلنا بشكل كبير، وهذا يؤلمنا جدا، ودائما يفتعل مشاكل لا داعي لها، وأصبح يعاملنا كأعداء، يبتزنا دائما بالمصروف وبأقساط دراستنا، وفي آخر فترة حصلت مشكلة، وقال: لن أكمل تعليمكم، علما بأنه منذ فترة قصيرة تزوج زوجة ثانية.

ينتقم منا وينتقصنا، ويشتمنا بشتائم بذيئة جدا، ويؤذينا بالكلام السيئ عن أمي، ولا نستطيع الصبر على كل هذا، ويعاملنا كأننا حيوانات، لقد وصلنا لمرحلة الكره الشديد، لقد تعبنا جدا تعبا لا يعلمه إلا الله، يقول لنا: أنا لا أريدكم لست بحاجتكم، ويقول لإخوتي: أنا أغضب عليكم بعد كل صلاة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Noor حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد

مرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.

أولا: نحب أن نركز على موقفكم الموفق والصائب، وهو احترامكم لأمكم ولأبيكم، ومحاولة وقوفكم في الحياد، بمعنى عدم الإساءة لأحد الوالدين، فهذا الموقف قد وفقتم فيه للخير والصواب، ونسأل الله تعالى أن يتولى عونكم، وييسر لكم تحمل هذه المشاق التي تواجهونها.

نحن وإن كنا نقدر مدى الصعوبة التي تعيشونها بسبب سوء معاملة والدكم لكم، ولكننا في الوقت نفسه نذكركم بأنه والدكم، وأن له إحسانا سابقا إليكم، فقد جعله الله تعالى سببا لوجودكم في هذه الحياة، كما أنه واضح من سؤالك أنه لا يزال يقوم بالإنفاق عليكم، وإن كان يخلط هذا الإحسان بشيء من المنغصات، لكن هذا كله يدعوكم إلى التفكر في محاسن هذا الأب، وإحسانه، وهذا في نهاية الأمر يدعو إلى محبته، وإلى تقليل الكره الناشئ عن إساءته التي تصدر تجاهكم، وهذه المقارنة بين المحاسن والسيئات مبدأ شرعي حثنا عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأولى الناس بأن تستعملوا معه هذا الوالدان.

نحن ننصحك وننصح أخواتك أيضا وإخوانك بأن تكونوا حكماء في كيفية التعامل مع والدكم، ومن هذه الحكمة أن لا تظهروا له المخالفة، ولا يلزمكم في الحقيقة أن تظهروا له تواصلكم بأمكم مثلا أو إحسانكم إليها وبركم بها، كما لا يلزمكم أيضا أن تبينوا له في وجهه خطأ تصرفاته، فإن إنكار المنكر على الأب إذا كان يغضبه لا يجب على الولد، وينبغي له أن يسكت عن هذا الإنكار كما يقرر هذا علماء المسلمين.

من الحكمة أيضا سعيكم في الإحسان إلى هذا الوالد بالمبالغة بخدمته، وإدخال السرور إلى قلبه، بالكلمات الطيبة، والتعبير عن حبكم له، واحترامكم له، واعترافكم بفضله، وبصنيعه الخير لكم، ونحو ذلك من الكلام، وإن كان فيه نوع مبالغة فإنه في هذا المقام مطلوب، ويعود عليكم بالنفع، ونحن على ثقة من أنكم إذا سلكتم هذا الطريق وصبرتم عليه فإنه سيعود بنتائج طيبة، وسيحسن العلاقة بينكم وبين والدكم.

الأصل أن الوالد يكون رفيقا ورحيما بأبنائه وبناته، فهذه طبيعة فطر الله تعالى عليها الناس، ووالدكم لا يخلو من هذا، وقيامه بالإنفاق عليكم أمارة وعلامة على هذا، وإن خلطها بشيء من المنغصات كما سبق، لكن لا يزال في أبيكم خير كثير، ولا يزال يقدم لكم نفعا، فلا ينبغي أن تغفلوا عن هذا وتنظروا إلى سيئاته فقط، فحاولوا إصلاح ما فسد باتباع الخطوات السابقة، وستجدون إن شاء الله تعالى خيرا كثيرا.

من الوسائل النافعة محاولة التأثير عليه بالاستعانة بمن له تأثير عليه من الأقارب، نسأل الله تعالى أن ييسر لكم الخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات