السؤال
لقد مررت بفترة اكتئاب لما تعرضت له من غدر وخيانة، ودعوت الله كثيرا، وقد من الله علي بأن أذهب عني الهم والغم، والحمد لله.
دعوت الله أن يرزقني الزوجة الصالحة، وما هي إلا أيام قلائل، حتى فاتحني أبي في خطبة فتاة من صفاتها الحشمة والتدين، ومتفوقة في دراستها، فذهبت للرؤية، ووجدت اتفاقا عظيما في آرائنا، وإننا لن نعصي الله في الاحتفال بالزواج، وهذه العادات السيئة، وكنت أحسب أني لن أجد فتاة تفكر مثلي في ذلك الأمر، و-الحمد لله- أن رزقني بها
لكن هناك بعض الأمور تقلقني، وهي:
أولا: أخبرتني أنها عصبية الطبع متقلبة المزاج، تميل إلى العزلة، وبعض الأحيان أشعر بأثر ذلك علينا في فترة الخطبة، ففي بعض الأحيان أرى منها الاهتمام، والود، وفي بعض الأحيان أشعر أنها لا تريد محادثتي.
ثانيا: خوفها المستمر من مسؤوليات الزواج، وتقول إنها ستطهي طعاما يكفي عدة أيام، وتحتفظ به حتى لا تعد الطعام يوميا؛ مما يجعلني أشعر أنها لا تريد أن تقدم لي أي شيء! لأنني كنت أرى من خطيبتي السابقة تفننا في إعداد الطعام لي، وانتظارها لزواجنا حتى تتفنن في التودد إلي؛ مما جعلني أقارن تصرفها بها.
ثالثا: بسبب تفوقها الدراسي قد حصلت على عمل جامعي، وأنا ألاحظ أن العمل يرهقها بشدة، فتقول لي بأنها قد تقصر في حقوق البيت بسبب العمل، وبأن علي أن أتحمل ذلك، فشعرت أن العمل أهم مني عندها، وقلت لها إذا قصرت في حقوقي تتركين العمل، فكانت ترفض، ولكن أهلها أقنعوها برأيي، كما أن العمل به اختلاط، ولا أريد أن يحاسبني الله على ذلك، فما نصيحتكم؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ولدنا الحبيب- مجددا في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، ويرزقك الزوجة الصالحة التي تقر بها عينك، وتسكن إليها نفسك.
قد أحسنت -أيها الحبيب- حين لجأت إلى الله سبحانه وتعالى، وأكثرت من دعائه، فالدعاء هو العبادة، وأنت مأجور بفعلك لهذه العبادة، وفي الوقت نفسه تكون قد أخذت بالسبب للوصول إلى ما تحب وتتمنى، فوصيتنا لك أن تحسن علاقتك بالله تعالى على الدوام، وتؤدي الفرائض التي كلفك الله بها، وتجتنب المحرمات، وتكثر من دعاء الله تعالى، فإنه لا يعجزه شيء.
أما عن استشارتنا في شأن هذه الفتاة التي تفكر في خطبتها؛ فقد سبق وأن نصحناك في استشارة سابقة أن يكون معيار اختيارك لمن تتزوجها الدين، فتقدمه على كل الأوصاف التي من أجلها تختار المرأة، فاحرص على أن تكون الفتاة التي تتزوجها فتاة ملتزمة بدينها، أي تؤدي الفرائض وتجتنب المحرمات.
أما عن عملها وانشغالها بهذا العمل خارج البيت؛ فإذا كان هذا العمل ليس فيه معصية لله تعالى، بحيث كان هذا الاختلاط سالما من المخالفات الشرعية، أي كانت المرأة ملتزمة بحجابها، متجنبة للخلوة بأحد الأجانب، متجنبة للكلام مع أحد الأجانب فيما فيه خضوع بالقول ولين، ونحو ذلك من المحاذير؛ فإن هذا العمل جائز في الأصل، وإن كنا لا ننصح بالعمل المختلط، فإن الإنسان ضعيف أمام دواعي الفتنة، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)، ولكن إذا حصل الالتزام بالضوابط الشرعية للعمل، فإنه عمل جائز.
هل الأفضل لك أن تتزوج امرأة عاملة موظفة، أو أن تتزوج امرأة تتفرغ للقيام بمهام البيت والأسرة؟ إذا كنت قادرا على الإنفاق، وتحمل كافة المسؤوليات المادية، ولا تحتاج لزوجة تعينك في هذا الجانب، وكانت رغبتك وميلك في اتجاه أن تكون الزوجة متفرغة لك وللبيت وللأولاد؛ فالأفضل لك أن تتخير فتاة تجتمع فيها هذه الصفات، وأنت لا تزال في أول المشوار، في أول الطريق، باستطاعتك أن تتخير الفتاة التي تناسبك، والاختيار في هذه المرحلة أفضل من أن تبدأ السير في طريق الزواج وتعقد، فإنك ربما تدخل بهذه الزوجة وتنجب منها أطفالا، ثم يبدأ الخلاف والشقاق بينكما، فتستمر الحياة، ولكن مع شيء من المنغصات.
إذا كان هذا متوقعا لديك؛ فنصيحتنا لك أن تصرف النظر عن هذه الفتاة، وتبحث عن فتاة تتلاءم معك، وتتوفر فيها الصفات التي ترغب بها.
أما إذا كان الأمر بخلاف ذلك، بحيث أنك تحتاج إلى زوجة تعينك على تحمل بعض الجانب المادي في الأسرة، أو كنت لا تبالي كثيرا بتفرغ المرأة لزوجها وللأسرة؛ فإن عمل هذه المرأة مع التزامها بالضوابط الشرعية، أو تقصيرها في بعض شؤون البيت والأسرة؛ ليس عيبا مؤثرا، بحيث تتركها من أجل ذلك.
أما عن عصبيتها وسوء مزاجها؛ فإذا كانت تأتيها بعض الأحوال أو الساعات التي يتغير فيها المزاج والطبع، لأسباب تستدعي ذلك؛ فهذا أمر يكثر في الناس جدا، أما إذا كانت سيئة الطبع أصلا، حادة المزاج، معروفة في هذا في حياتها؛ فنصيحتنا لك أن تبحث عن غيرها، لاسيما وأنت في أول طريق الاختيار.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، ويرضيك به.