السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
على المؤمن التسليم اللامشروط، والرضا بقضاء الله وقدره، ولكني منذ وفاة زوجتي -رحمها الله- أواخر شعبان الماضي -3 أيام قبل رمضان- على الرغم من هذه المدة -7 أشهر- لا يفارقني الحزن، حتى أنه اليوم اشتد علي كثيرا وكأنها توفيت الآن، وأنا أدعو الله لها بالرحمة وأزور قبرها كلما اشتقت لها، لي من الأولاد خمسة، وأنا مقبل على الزواج بمن تعينني على تربية أولادي، لكنني لا أشعر برغبة في الحياة، فلقد رحلت من كانت سندي وحبيبتي على سنة الله ورسوله.
دموعي تمنعني من مواصلة الكتابة، كيف أستمر في هذه الحياة؛ فلقد فقدت قلبي، إنني خائف من أن أكون على خطأ شرعا، وفي نفس الوقت أدعو الله أن يجبرني جبرا يليق بمصيبتي.
إن تماديت في حزني واكتئابي فهذا فوق طاقتي، لا أستطيع التحكم بهذا الحزن، أعينوني بالأسباب التي ترضي ربي وتجبر كسري، وتخفف من حزني.
جزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حضري حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أيها الأخ الحبيب- في استشارات إسلام ويب.
أولا: عظم الله أجرك في مصيبتك، وجبرك بما يعوضك عن زوجتك، ورحمها رحمة واسعة.
ثانيا: الواجب على الإنسان المسلم هو الصبر، والصبر يعني: حبس النفس ومنعها من التسخط على قضاء الله تعالى وقدره، وأما الرضا بمعنى الفرح والسرور بقضاء الله فهذه مرتبة أعلى من الصبر، مستحبة، لكنها ليست واجبة، وحزن الإنسان على موت قريبه أو حبيبه، ودمع عينه على ذلك لا ينافي الصبر ولا يخالفه، فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد أخبر بأن محاسبة الله تعالى ليست بما يكون في القلب من الحزن، ولا بما تذرفه العين من الدمع، فقال عليه الصلاة والسلام: (إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا أو يرحم) وأشار إلى لسانه، يعني بما يخرج على اللسان من المنكرات كالصياح، وتعداد محاسن الميت على جهة التسخط على القدر، ونحو ذلك.
فهذا يبين لك أن ما أنت فيه من حزن على زوجتك وبكائك على فراقها ليس شيئا يغضب الله تعالى، ولكن ينبغي أن تواسي نفسك وتعزيها بكل من يموت حولك، وبكل من مات قبلك، قبل زوجتك، فإن الناس كلهم ماضون في هذا الطريق، فكلنا لله وكلنا إليه راجعون.
نسأل الله تعالى أن يعصم على قلبك، ويثبتك على الخير.
وحزنك الشديد بفراق زوجتك رغم مضي هذه المدة دليل على كرم في أخلاقك، فهو دليل على الوفاء وكمال الود والحب، وهذه أخلاق فاضلة، نرجو الله تعالى أن يعوضك خيرا عن زوجتك بسبب ما أنت فيه من الأخلاق النبيلة والخير الكثير.
والمصيبة -أيها الحبيب- تجلب للإنسان خيرا كثيرا وإن كانت تكرهها نفسك، فقد جاء في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي، فيقولون: نعم، فيقول الله تعالى: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد)، فهذا الحديث يدل على فضيلة الإنسان المسلم الذي يقابل قضاء الله تعالى وقدره بالصبر والاحتساب وتفويض الأمور إلى الله تعالى.
فنصيحتنا لك أن تسارع بالزواج، وأن تتخير المرأة المناسبة لك، والتي تتوخى فيها وتظن أنها ستكون عونا لك، وسيجعل الله تعالى فيها مسلاة لك عن فراق زوجتك وعونا لك على استكمال حياتك.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقدر لك الخير.