هل يمكن أن أوازن بين عملي كطبيبة ودوري كأم؟

0 36

السؤال

السلام عليكم.

تخرجت منذ عشرين عاما، وتزوجت بعد الثلاثين -بفضل الله-، أعيش في مجمتع قروي كوني طبيبة، حياتي متعبة، والاستشارات الطبية في أي وقت في البيت، وأثناء التخصص حدثت لي مشادة مع رئيس القسم فعطلت تخرجي وانسحبت مباشرة وقدمت استقالتي، لدي أطفال -بفضل الله-، الآن أكبرهم في الثانوية، وأحدهم معاق ذهنيا إعاقة خفيفة -الحمدلله-.

الآن بعد ترك التخصص وترك العمل لمدة عشر سنوات ينتابني الحنين للإنجاز، رغم أني نسيت معظم ما درسته، وأخشى ألا أتوفق في الموازنة بين البيت والتخصص، كما أن الناس لن يتركوني أرتاح في بيتي، يطلبون المساعدة في أي وقت مما يزيد العبء علي.

هل أنسى أمر الطب وأبدأ تخصصا جديدا في هذا العمر، أم أتحدى الظروف وأعود لتخصصي؟ وهل سيكون سلوكي السابق مع رئيسي مسيئا لسمعتي في وسط الزملاء؟ وكيف أضع حدا للاستشارات المنزلية المزعجة؟

دمتم نفعا وعونا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فاهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك في عمرك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به.

وبخصوص ما تفضلت به فإننا دائما ما نقول بأن عمل المرأة خاصة في مثل هذا المجال الذي يحفظ عورات المسلمين هو من أنبل العمل وأفضله، ونحن نود ابتداء أن نحسم قضية الأولاد، فإن كنت -أختنا- تستطيعين التوفيق بين أولادك وعملك، وزوجك موافق على عودتك للعمل فإننا ننصحك بالعودة، أما إذا علمت تضرر الأولاد، خاصة وهم في سن حرجة ومقبلون على الجامعة، وولدك مريض نسأل الله الشفاء له، إن شعرت -أختنا- أن العمل سيؤثر على بيتك وأولادكد فإننا نرجح لك العمل على صيانة البيت وحفظ الأولاد.

ثانيا: ستواجهك عند عودتك للعمل -بعد توفيق الله- عدة عقبات:

العقبة الأولى: طول العهد بالتخصص.
العقبة الثانية: التعامل مع مديرك.
العقبة الثالثة: التعامل مع أهل قريتك.

أما العقبة الأولى: فاعلمي -بارك الله فيك- أن الدراسة النظرية تختزل في الذاكرة طويلة الأمد، وتظل حاضرة ما كانت الممارسة قريبة منها، لكن عندما تضعف الممارسة يظن الإنسان أن المحفوظات قد قلت أو تلاشت، وهذه في بعضها حق، لكن ما لا يدركه البعض أن إمكانية الاستعادة سريعة جدا، وأن دورة أو دورتين خاصة في المسائل المتكررة تعيد محفوظاته وتجعله على الطريق الصحيح، ولذلك نحن ننصحك بأخذ دورة أو على الأقل بمراجعة بعض الكتيبات أو التحدث مع بعض الزميلات من أجل استنهاض الذاكرة، ونحن على ثقة أن هذا لن يأخذ منك الجهد الكبير.

العقبة الثانية: نظن أن السنين هذه قد طوتها، ويمكن التأكد من ذلك عبر وسيط مأمون لك زميلة أو غيرها، والتعامل معه سيكون وفق التعامل الطبيعي لأي طبيبة ومديرها، فلا تتحسسي من ذلك، فإن وجدت عدم راحة أو عدم قبول نفسي، فيمكنك الرجوع إلى أقرب مكان آخر للعمل فيه إن كان ميسرا.

العقبة الثالثة: التعامل مع الجمهور خاصة أهل القرى التي تحكمها العاطفة، والفصل بينك وبين المجتمع سيكون صعبا، لذا نوصيك بما يلي:

1- احتساب الأجر عند الله تعالى: من المعلوم -أختنا- أن من أجل القربات التي يتقرب لها العبد إلى الله -عز وجل-، ومعرفة الإنسان بالجزاء يدفعه للعمل أو تحمل بعض المشاق في سبيل ذلك، فعملك -أختنا- فيه تنفيس عن مسلم، وقد صح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)، فأي فضل بعد هذا؟ ومساعدة الغير -أختنا- لها فضائل أخرى منها ما ثبت عن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (صنائع المعروف تقي مصارع السوء).

2- يمكنك إن زاد الأمر عن طاقتك أن تخصصي وقتا يعلمه الجميع لا تجيبي فيه على أي اتصال، أو تخصصي رقما للرد ورقما آخر لأهل بيتك لا يعرفه أحد، وإخبار الناس بذلك، وقد يغضب البعض ابتداء لكنهم سيعتادون بعد ذلك عليه.

وختاما: نرجو الله أن يلهمك الصواب وأن يختار لك الخير، واستخيري الله قبل اتخاذ أي قرار، بارك الله فيك وأحسن إليك، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات