السؤال
أنا بعمر 19 سنة، ولي أخت وأم وأب، وأبي كثير الغضب والعصبية، لدرجة أنه ينفر أي شخص منه، تعامله مع الناس بطريقة، وداخل المنزل بطريقة أخرى، كأنه شخص آخر، دائما يصفني أنا وأختي بالعاقين، وبأننا أسوأ الأشخاص في الكون، رغم أننا نتعامل معه ببر، وبكل طريقة حسنة، وهو دائم المشاكل مع أمي، ومع كل فرد في الأسرة.
دائما نحن على خطأ عنده في كل شيء، وهو صاحب الصواب، ودائما يشعرنا بأننا عبء عليه في كل شيء، حتى في المأكل والمشرب، ويتعمد الخصام على الأكل حتى نقوم، ودائم الدعاء علينا في كل شيء، ويتعامل معاملة قاسية، ولا يرحمنا.
ماذا أفعل؟ فأنا لا اطيق هذه المعاملة، وأخاف من عدم رضا ربي عني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الحرص على السؤال في قضية البر، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يصبركم على الوالد، وأن يرزقكم بره، وأن يلهمكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
لا يخفى على أمثالك من الفضلاء -ابننا الكريم- أن بر الوالدين عبادة لرب البرية، واجب من واجبات هذه الشريعة، ربطه العظيم بطاعته وعبادته، ولذلك قال ابن عباس: (لا يقبل الله عبادة من لا يطيع والديه)، ونحب أن نؤكد لك أن الصبر على الوالد القاسي أو المعاند أو الذي ينتقد، هو باب من أوسع أبواب البر، وإذا لم نصبر على الآباء والأمهات فعلى من سيكون الصبر؟!
لذلك أرجو تحمل هذا الوضع الذي يحصل، ونبشرك بثواب عظيم عند الله، والجنة تنال بالصبر وتنال بالشكر، وإذا قام الإنسان بما عليه من الواجب الشرعي تجاه الوالد، وغضب الوالد ولم يرض الوالد أو زعل؛ كل ذلك لا يضر الإنسان، لأن البر عبادة لرب البرية، ولذلك قال الله بعد آيات البر -أرجو أن تذهب إليها وتراجعها- قال في ختامها: (ربكم أعلم بما في نفوسكم) من البر والصدق والحب والإخلاص والإحسان للوالدين (إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا).
أرجو أن يكون لك دور عظيم في الإصلاح بينه وبين الوالدة، وفي تفادي ما يغضب هذا الوالد، في حسن الاستماع إليه، في احتمال ما يأتيكم من أذى أو انتقاص، وهذا لا يضركم إذا كنتم على الخير، وأرجو أن تحفظوا له حقه في البر، فلا يمنعك ما يحصل من بره والإحسان إليه والصبر عليه والقرب منه وتحسين صورته عند الوالدة، وتحسين صورة الوالدة عنده، فأنت في سن -ولله الحمد- تستطيع أن يكون لك أثر وبصمات في هذا البيت، فاصبر على ما أنت عليه، وكن عونا لأختك الشقيقة أيضا على الصبر، وكن عونا للوالدة على الصبر، وكن قريبا من الوالد، وتحمل ما يصدر منه، ترجو ما عند الله تبارك وتعالى، ونبشرك بحسن العاقبة، وبالثواب الجزيل عند الله تبارك وتعالى.
نحن سعداء بهذا السؤال الذي يدل على حرصك على الخير، ولولا أنك حريص على الخير لما تواصلت مع موقع شرعي تريد الاستشارة، وهذا ما ننصحك به، ونبشرك بثواب عظيم وبخير كثير، ونسأل الله أن يهدي والدك، وكل والد لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو، وبارك الله فيك، وأرجو أن تجد الأسرة أيضا (الوالدة والأخت) التشجيع منك على الصبر على هذا الوالد وتفادي ما يغضبه.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.