السؤال
السلام عليكم.
أشعر بالخجل من نفسي كثيرا، أنا أكذب دون أن أشعر، أحب الله كثيرا، ولا أريد أن أفعل ما يغضبه، والله لا أرى في نفسي حلا لمشكلتي، دعوت الله كثيرا، وما زلت، ولكن لا أعرف ماذا أفعل؟ أرى نفسي أكذب أحيانا دون قصد، ودون نية مبيتة، ولكن أثناء الحديث مع الآخرين أقول أحيانا بعض الكلام غير الصادق، وبعدها أشعر بالندم، وأستغفر، ولكن بلا فائدة.
قاطعت آكثر الناس حتى لا أجد لنفسي مكانا للحديث، ولا أرى من الهرب جدوى، فماذا أفعل؟
مع العلم هذه الآفة تلازمني منذ كنت طفلة، أصبت بإحباط شديد، فما الحل؟ هل لهذه الآفة دواء؟ وما سببها؟ ولماذا أنا هكذا؟ وهل هذا من غضب الله علي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مريم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه وسوء.
وبخصوص ما تفضلت به فاعلمي -بارك الله فيك- ما يلي:
أولا: ثلث العلاج معرفة الخطأ، والثلث الآخر في عدم اليأس من تغييره، والثلث الأخير في اتخاذ الوسيلة المناسبة، وقد نجحت في الثلث الأول، ويجب أن تنجحي في الأوسط، يجب أن تعلمي أن كل خلق مرذول هو في دائرة التقويم، وأن الإنسان يستطيع التخلص منه نهائيا، القدرة النفسية على الاستجابة لثلث العلاج، فاطمئني، وثقي أن كثيرا ممن ابتلاهم الله بهذا المرض، لما وقفوا له وقفة صادقة بأسلوب صحيح، تجاوزوها -والحمد لله-.
ثانيا: أسباب الكذب متعددة، لكن أهمها ما يلي:
1- جذب الانتباه للمتحدث.
2- محاولة إطفاء مزيد من البهجة أو السعادة على الحاضرين.
3- نقص ذاتي يحاول الكاذب أن يكمله في نفسه.
4- اعتياد أن يكون محط أنظار الناس.
5- خطأ وقع فيه ويريد أن يخرج منه.
6- تعود على الكذب بغير حاجة إليه.
هذه بالجملة الأسباب -أختنا الكريمة-، ومعرفتها يدفعك إلى التركيز على السبب حيثما وجد، فعليك ضبط اللسان والانتباه، مع التركيز على ما يأتي بيانه.
رابعا: معينات على ترك الكذب:
1- استبشاعه في النفس: وذلك بمعرفتك أنه من كبائر الذنوب، وأن عاقبته وخيمة، وأن الله لا يحب الكاذبين.
2- كثرة المراقبة لنفسك، والتأخر في الحديث إلى ما بعد عرضه على نفسك.
3- معاقبة نفسك كلما كذبت بشيء نافع، كصدقة، أو مساعدة الوالدة في تنظيف البيت، على أن يكون عليك شغل غيرك، أو صيام يوم، أو قيام ليلة، أو استغفار بعدد معين، المهم كلما أحدثت كذبة، أحدثي لها عقوبة نافعة.
4- استحضار الحياء ممن يسمعك ويعرف أنك كاذبة، كذلك ممن يكتبون كذبك وأنت تكذبين، الملائكة الموكلون بك، يكتبون، واستحضار هذا دافع إلى التوقف.
5- الإلحاح على الله بالدعاء أن يعافيك الله من هذا الخلق المرذول، مع عدم اليأس من ذلك.
6- صحبة الصالحين، فإن صحبتهم تغري بالصلاح، والصاحب ساحب، والطباع سراقة.
وأخيرا: مجاهدتك للذنب لا يدل على غضب الله عليك، بل يدل على خير فيك، فالزمي الطاعة، واستعيني بالله أولا، واجتهدي في تطبيق ما ذكرناه، ولا تنعزلي عن محيطك بالجملة، وإذا انعزلت عن فتاة غير مستقيمة، فأوجدي أو ابحثي عن صالحة، ولا تيأسي، ولا تملي المحاولات، وثقي أن الله سيعينك، المهم الاستمرار.
كتب الله أجرك، وأعانك، وثبتك، والله المستعان.