أفكر بالانسحاب من تعليم القرآن بسبب ارتكابي بعضاً من المعاصي

0 30

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعيش في دولة أوروبية، ولدي إجازة في القرآن الكريم، قررت بعد تفكير طويل أن أعلم الناس التجويد ولكني أعيش في صراع داخلي، فمثلي لا يحق له تدريس كتاب الله وهو مرتكب لبعض الذنوب من إطلاق البصر وغيره، وهذا ما يجعلني كثيرا من الأيام أفكر بالانسحاب، فلا أريد أن يراني أحد من الطلاب في موقف خاطئ فيربط بين من يعلمون القرآن والمعاصي، فهل من نصيحة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمار حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله تعالى لك التوفيق، ونهنئك بما من الله تعالى به عليك من تعلم القرآن الكريم، فهذا إن شاء الله عنوان على إرادة الله تعالى بك الخير، فقد قال الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، وقال: (من يرد الله به خيرا يفقه في الدين).

فإذا شرح الله تعالى صدرك لتعلم كتابه وحفظه فهذا باب من الخير عظيم فتحه الله تعالى لك ينبغي أن تشكر نعمة الله تعالى عليك، ومن شكر النعمة -أيها الحبيب- أن تجاهد نفسك على تجنب المنكرات والمعاصي، واعلم -أيها الحبيب- أن المجاهدة ستؤتي ثمارها يوما ما، وقد وعد الله تعالى في كتابه -كما تحفظ- فقال سبحانه وتعالى: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}.

فاجعل من القرآن حافزا لك على المسابقة إلى الخيرات، لا أن تتراجع عنها وتجبن عن الخوض في ميدانها، وأنت تقرأ في القرآن: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم} وتقرأ: {سابقوا إلى مغفرة من ربكم}.

فينبغي أن تكون مسابقا ومبادرا، وهذا لا يعني أبدا أنك ستكون معصوما من الذنوب والمعاصي، فإن: (كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون)، ولكنك مأمور بأن تجاهد نفسك قبل الوقوع في الذنب، فإذا ضعفت وأغراك الشيطان وزلت قدمك فالواجب أن تسارع إلى التوبة، وإذا سلكت هذا الطريق وصبرت عليه فإنك ستجد نفسك تترقى في سلم التزكية يوما بعد يوم.

لا تجعل من خوف هذه الذنوب حاجزا بينك وبين فعل الخيرات، فهذه خدعة شيطانية، يريد الشيطان أن يثبطك عن فعل الخير، وعن أن تنفع نفسك وتنفع أمتك ودينك، فيوهمك بأن تعليم القرآن والتصدي لتدريسه للناس لا يتناسب مع أمثالك، فينبغي أن يكون ردك عمليا، وهو أن تقتحم الميدان وتبدأ بالفعل بممارسة هذا الخير، مع مجاهدتك لنفسك والستر على نفسك إذا وقعت فيما حرم الله تعالى عليك، مع إحسان ظنك بالله تعالى أنه سيوفقك ويعينك ويسددك، والله تعالى لا يعجزه شيء، وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، فإذا أراد الله تعالى لك التزكية والفلاح فإنه سيزين الطاعة في قلبك، ويبغض إليك الفسوق والعصيان.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات