السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة أبلغ من العمر ثمانية عشر عاما، وأعاني من حالة نفسية سيئة بسبب والدي، أنا لا أكرهه، بل أحبه كثيرا، لكنه سبب لي مشاكل وعقدا نفسية كثيرة، أبي أيضا يحبني كثيرا، أبي كثير الطلب، حيث لا يسمح لي بالراحة أبدا، يريدني أن أساعده في عمله وفي أعمال البيت أيضا، هو يعمل بدوام جزئي بعد عمله كمدرس بالزراعة، ويتعبني كثيرا، مرات كثيرة كنا نسهر لأجل العمل، وأشكو منه هذه الأيام، لأنني ما عدت قادرة على فعل أي شيء، أشعر أن وقتي بيده، وأدرس بالجامعة، حال عودتي من الجامعة أصلي، وبعدها بقليل أساعده، نفس الروتين يوميا، أصبحت غير قادرة على الدراسة، حتى أنني أفكر في ترك الجامعة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Nadayasir حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يرزقك بر الوالد، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
سعدنا جدا لأنك تحبين والدك وهو يحبك، وسعدنا أكثر لأنك تساعديه، وأرجو أن تحمدي الله تبارك وتعالى الذي أعانك على هذا الخير، وأعانك على هذا البر، ونتمنى أن تنجحي في تنظيم وقتك مع الوالد، وأرجو أيضا أن تحاولي معه بمنتهى الهدوء، ولكن نحن نحب أن نقول: كل دقيقة تصرف في خدمة الوالد ومساعدته ومعاونته ستكون رصيدا لك في الدنيا والآخرة، بل هذا من أسباب التوفيق والنجاح في هذه الحياة.
وقد عملت دراسة على كثير من الناجحين الذين قابلتهم في حياتي، فوجدت أن القاسم المشترك بينهم هو بر الوالدين، فأرجو ألا تنزعجي من هذا الذي يحدث، وثقي بأن كل هذا فيه خير، شريطة أن تبدئي في تصحيح النية، وتتذكري أن بر الوالدين عبادة لرب البرية، ربطها الله تبارك وتعالى بعبادته وبتوحيده، قال: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا}، وقال: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا}.
هذا التلازم في كتاب ربنا تبارك وتعالى يبين منزلة هذه العبادة العظيمة، وصبرك على الوالد واجتهادك في تنظيم وقتك، سيكون مصدرا لسعادتك، فنتمنى أن تغيري الفكرة السالبة إلى فكرة إيجابية، واحمدي الله أولا أن لك والدا، كم من الزميلات توفي والدها، كم من الزميلات والدها بعيد عن والدتها، كم من الزميلات والدها يتعبها ويؤذيها، وأنت -ولله الحمد- مصدر سعادة لوالديك، بل أنت تعاونين هذا الوالد على بعض الصعوبات.
واحتياج الوالد لك في مكانه، وأنت ينبغي أن تسعدي بهذا، وأيضا تجتهدين في أن توفقي بين الأمرين، فالمطلوب هو التوفيق بين بر الوالد وبين القيام بواجبات الجامعة أيضا، وإذا هونت على نفسك، واستقبلت هذا الأمر من ناحية نفسية، واستعنت بالله تبارك وتعالى، وعملت جدولا لتنظيم أعمالك وتنظيم دراستك؛ فإن الإنسان يستطيع أن يحقق إنجازات كبيرة بتنظيم وقته وعمل جدول، وأعتقد أن الوالد سيتفهم هذا، وأنت أيضا تستعينين بالله وتصبرين وتجتهدين، ونسأل الله أن يعينك على الخير.