السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي مشكلة وهي أن أمي تؤذيني بشدة منذ أعوام، وفي هذا العام تأذيت بشكل متكرر ولا أستطيع الدراسة جيدا، أمي تفتح حسابات في برامج: فيسبوك وانستغرام، وتتحدث مع الرجال والشباب وترسل لهم صوري ورقم هاتفي، ثم تقول لي تحدثي معهم بالغصب، وإذا لم أفعل تشتمني وتضربني ضربا مبرحا، وأنا لم أعد أستطيع تحمل هذا العذاب، حاليا قالت لي: سوف أزوجك بالقوة، وهي تتحدث مع الشباب على أنها أنا منذ عامين أو أكثر، وتريد تزويجي بالقوة، ماذا أفعل؟ والله تعبت حقا وأحتاج إلى المساعدة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ hadil حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت به، فإننا قد فهمنا من رسالتك ما يلي:
1- والدتك تؤذيك أذى يصل إلى الضرب.
2- ترسل صورك للرجال وتجبرك على محادثتهم بغرض الزواج، فإن كان ما فهمناه صحيحا فدعينا أولا نؤسس قاعدة، ثم بعد ذلك نجيب -إن شاء الله-.
أولا: والدتك -أختنا الكريمة- أصدق الناس لك محبة، وأخوفهم عليك، وأقربهم إليك، وما فعلته من وسائل -ننكرها نحن شرعا- إنما الغرض منها أن تراك في بيتك مستورة الحال، فهي تفعل ما تراه صوابا، وما تراه أنفع بك، ولذلك كل حديثنا القادم لا ينبغي أن ينفك عن هذه القاعدة، لن تجدي في الدنيا كلها من يحبك حبها، ومن يحرص عليك حرصها، ومن يريد الخير لك مثلها، ومن تتمنى سعادتك ولا على حساب سعادتها مثل والدتك، هذه فطرة -أختنا الكريمة- جبل الله الأمهات عليها، وغدا -إن شاء الله- يوم أن تكون عندك ابنة ستدركين معنى حديثنا هذا جيدا.
ثانيا: خطأ الوالدة مهما عظم لا يبيح لك عقوقها، ولا التطاول عليها، ولا بغضها، ولا إضمار الشر لها، فهي أمك وإن أخطأت، والله عز وجل أمر بصحبتها وبرها ولو كانت كافرة.
ثالثا: نحن نؤمن ونعتقد أن الزواج قدر مقسوم، وأن من قدره الله زوجا سيأتي في اليوم المكتوب، وقد كتب الله تعالى ذلك قبل أن يخلق الله السموات والأرض، ففي الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء)، هذه الرسالة لابد أن تصل إلى الوالدة بطرق صحيحة، مباشرة وغير مباشرة، عن طريقك أو طريق بعض صويحباتها أو أخواتها، لابد أن تدرك أن مثل هذه الأمور لن تعجل بشيء كتبه الله لك، ولن تنشأ شيئا لم يكتبه الله لك.
رابعا: كذلك يجب أن تصل إليها رسالة أخرى، وهي أن أغلب هذه المراسلات لا تأتي بنتيجة إيجابية، فالبعض يستغلها فيما حرم الله، والآخر متى ما أراد الزواج لا يفكر في امرأة تعرضها أمها بهذه الطريقة، ويجب عليها أن تنبه هي إلى ذلك.
خامسا: لا ندري -أختنا- هل والدك موجود أم لا؟ وإن كان موجودا هل الحديث معه يردع الوالدة بدون مشاكل أم لا؟ فإن كان موجودا ويمكنه نصح الزوجة بطريقة جيدة بدون مشاكل فنرجو أن تقيمي الوضع وتخبريه، المهم ألا يحدث من جراء المصارحة ما يفسد العلاقة بينهما.
فإن كان لك أخ يحسن أن يحدثها من دون مشاكل أكبر فلا بأس، وينساق هذا على أهلها لا أهل أبيك، بمعنى أمها أختها، من تثق فيهم، المهم التواصل مع هؤلاء بغرض تصويب المسار.
سادسا: لك -أختنا- أن تتحفظي على محادثة الرجال، لكن إن كان هناك خاطب وتم السؤال عنه، وستتحدثين وأنت في كامل احتشامك وفي حضور وليك معه فلا حرج، أما إذا كانت الأمور ستخرج عن الإطار الشرعي لها، أو بها من المخالفات من لا يحل ولا يجوز، فليس عليك طاعتها، وأخبريها برفضك مع كامل توقيرك لها، وأعلميها أن الزواج حلال والحلال لا يؤسس على ما حرم الله تعالى، ولو أدى ذلك إلى ضربها لك فتحملي، ففي النهاية هي أمك، ويوم ترى إصرارك على الوقوف على حدود الشرع لن تتجاوز أو لن تتمادى في التجاوز.
أخيرا: ثقي أن الله سيكتب أجرك، وسيرزقك على صبرك أضعافا مضاعفة، فلا تحزني ولا تجزعي، وأوثقي بالله حبالك تسعدي.
هذه نصيحتنا لك، ونسأل الله الكريم أن يصلح والدتك، وأن يحسن إليك، وأن يكتب لك الخير والأجر إنه جواد كريم، والله الموفق.