السؤال
السلام عليكم.
لقد بدأت في المحافظة على الصلوات الخمس، وعدم تضييع أي صلاة منذ الصف الثالث الإعدادي، ولكن من هذا الوقت قد بدأت في حياتي في ذنوب الخلوات والعادة السرية، فأنا حافظ لكتاب الله تعالى منذ الثامنة من عمري، وأخجل من نفسي أنني أفعل هذه العادة، ومنذ سنة تقريبا زاد إدماني لها، أتعهد وأتوب وأصلي، ولكن سرعان ما أعود، وأكثر ما يحزنني أنني دائما ما أنصح زملائي بالبعد عن هذه الذنوب، مع العلم أني أشعر بأني أصبحت مدمنا لهذا الذنب العظيم، الذي يشعرني بأن الله أهون الناظرين إلي، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا!
كان في بداية الأمر ضميري يؤلمني، أما الآن فأصبحت شهوتي وملذاتي تتحكم بي، وأصبحت الرغبة أكثر من قبل، ومع العلم أيضا أني سمعت الكثير من الفيديوهات، وقرأت بعض فتاوى حضراتكم، ولكن سرعان ما أنتكس وأقع في الذنب مرة أخرى، ولم أعد سريع المبادرة بالتوبة.
أنا -والحمد لله- لا أسب ولا أشتم، ولكن أشعر بأنني محترم أمام الناس فقط، ولكن مع الله للأسف أنتهك محارمه كثيرا، وأخاف أن أموت وأنا مقيم على هذا الذنب، بل وعندما أقرأ حديث بن ثوبان عمن ينتهكون محارم الله أشعر بأني منهم، وأصبحت ضعيف الإرادة، وأفقد تركيزي، وأغضب سريعا، وعاق لوالدي، فما الحل؟ أرجوكم، فرحم الله من أعان مبتلى.
وشكرا جزيلا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأهلا بك - ولدنا الفاضل - في موقعك إسلام ويب، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يزيدك صلاحا وهدى واستقامة وتدينا، كما نسأله تبارك وتعالى أن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يوفقك لإسعاد نفسك، ولتزويدها بالعلوم النافعة، وأن يجعل لك مستقبلا مشرقا مزهرا، إنه جواد كريم.
وأما ما سألت عنه من تمكن العادة السرية منك حتى جعلتك ضعيف الإرادة، سريع الغضب، عاقا لوالديك؛ فإن هذا مما أزعجنا خاصة وأنت الشاب المؤدب الحافظ لكتاب الله تعالى، فكيف تركت نفسك هكذا فريسة للشيطان يتلاعب بك، كيف لم تستطع أن تتجاوزه كما تجاوز آلاف غيرك هذه المرحلة بسلام، كيف لم تحفز نفسك أن تكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله، ومنهم شاب نشأ في عبادة الله، وأنت إن شاء الله منهم؟
ولدنا المبارك إننا نجيبك من خلال النقاط التالية، فانتبه يرعاك الله:
أولا: أمر الخروج من هذه المعصية يسير بإذن الله، لكنه يحتاج منك إلى متابعة واجتهاد، ويعينك على ذلك أن تعلم أنك مسؤول عن نفسك، ولا يخفى عليك أن الله جل جلاله رهن كل إنسان بعمله فقال تعالى: {كل نفس بما كسبت رهينة}، وقال أيضا: {كل امرئ بما كسب رهين}، وقال كذلك: {من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها}، وقال كذلك: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا}، وهذه المسؤولية تدفعك دفعا إلى أن تغير من نفسك، وأن تصلحها، وأن تدرك تماما أنك أقدر الناس على ترويضها وتهذيبها، وأن أحدا لا يقدر أن يساعدك ما غابت عنك الإرادة والشجاعة في اتخاذ القرار ومتابعته، فالبداية عندك أنت.
ثانيا: يعينك على تقوية الإرادة معرفة أضرار هذه العادة: أضرارها الدينية والبدنية على السواء، ونحن نتمنى عليك أن تدخل إلى الاستشارات المتعلقة بالعادة السرية لتتعرف على تلك الآثار، وستجد العلماء قد تحدثوا كثيرا عن أضرارها على المخ، وعلى البدن، وفوق ذلك هي معصية، والله وصف أولياءه الكرام بقوله: {والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون}، ومعنى العادون: أي المعتدون الظالمون.
وبما يتعلق بالعادة السرية: فكلما شعرت بالرغبة فحاول أن تغير وضعك، وأن تهرب منها، وأن تتواجد مع الناس أو بعيدا عن الأماكن الخالية، وأن تتوجه إلى الله بالدعاء أن يعافيك الله من ذلك.
ثالثا: هناك بعض الإرشادات المساعدة والمعينة لك - إن شاء الله - بجوار ما ذكرت من التزام بالصلاة، وعدم الإثارة، وهي:
1- ممارسة الرياضة بصورة منتظمة.
2- عدم الجلوس وحدك أو الخلوة بنفسك.
3- الانشغال بعمل من الأعمال الدعوية.
4- الصحبة الصالحة مهمة جدا في هذه الأوقات.
5- كثرة الصيام لله عز وجل مع كثرة الدعاء لله عز وجل، فالمرء ضعيف بنفسه قوي بربه.
المهم أن يكون هذا كله مع بعضه، بعد توبة صادقة ويقين جازم.
وفي الختام: إياك أن تيأس، ولا تجعل الشيطان يثبطك ليقول لك: قد وعدت ربك ووقعت بعد أسبوع، أو أقل، أو أكثر، ولا عهد لك، ويدفعك إلى اليأس، فاحذر من ذلك، وجدد التوبة والعهد، واحمد الله دوما على وقت مر بلا معصية، واستدرك ما فاتك، وتعرف على الأسباب التي تدفعك إلى فعل ما حرم الله، وستجد نفسك في النهاية شابا مستقيما - إن شاء الله -.
نسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يحصن فرجك، وأن يطهر قلبك.