السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
أبي يشتمني كثيرا، ويوجد خصام داخل بيتنا بشكل متكرر، وأول ما يستيقظ من النوم يشتم، مثلا لو كان هناك مواعين، أو شيء في غير مكانه.
في هذه الأيام خاصمني، لأني جئت بقطة في السنة الماضية، لأني أحس بوحدة، وأنا غير متزوجة، وبعمر 26 سنة، وكل صديقاتي تزوجن وأنجبن أطفالا، وأنا أرغب أن يكون لي طفل، فجئت بقطة، وأعتبرها طفلي، وأنا أيضا أمي متوفاة.
أحس بضيق دائم في حياتي، فأبي يخاصمني لأترك القطة، لأنه يقول لي: إنه لا يحب الحيوانات، وبأن هذا بيته، وبأني أحتفظ بالقطة بدون رضاه في بيته، وبأنه كره البيت بسببي.
قلت له: أنا أحب أن تبقى القطة معي، فلها نحو سنة، فكيف أتخلى عنها، وأفرط فيها؟ أقول له: أنا غير قادرة على أن أتركها، وأي شيء يحتاجه نفعله، وأبي لا يحب القطط، وأنا أحبها، والقطة أيضا بعيدة عنه، ولا نبقيها في مكان مخصص بالمنزل، وأخرجها دائما خارج الشقة، وتبقى فوق السطح، أو في غرفة خارج الشقة، وفي بعض الأوقات يكون الباب مفتوحا، فيدخل الوالد ويشتمني، ويكاد يضربني.
ماذا أفعل؟ أنا غير قادرة على أن أعيش من غير القطة، وأيضا غير صغيرة حتى يشتمني ويخاصمني كل يوم!
قال لي: إذا كانت الحياة معي لا تعجبك فاخرجي خارج البيت، وانظري لك أي مكان آخر، فماذا أعمل؟ أنا لا أريد إخراج القطة، وأنا لي رأيي، فلا بد أن نحترم رأي بعضنا، ورغبة بعضنا، لأننا نعيش في بيت واحد، فهو لا يعيش في البيت وحده حتى يتحكم بي!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جهاد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.
نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يقدر لك الخير، ويرزقك الزوج الصالح، والذرية الطيبة، ونصيحتنا لك -أيتها البنت الكريمة- تتمثل في الآتي:
أولا: أن تعلمي حقوق والدك عليك، ومن هذه الحقوق البر والإحسان إليه، وهو آكد وأهم حقوق الآدميين، فقد جعل الله تعالى حق الوالد تاليا لحقه، فقال: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا) [الإسراء: 23]، وحذرنا الله تعالى من العقوق في آيات كثيرة، وكذلك فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، ثلاثا، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين).
العقوق معناه باختصار -أيتها البنت الكريمة- أن يفعل الولد الشيء الذي يدخل الأذى إلى قلب الوالد، ويدخل الحزن إليه، وإن نفوره من وجود هذا الحيوان في البيت؛ ربما يكون بسبب استقذاره لهذا الحيوان، أو غير ذلك من الأسباب، وهو في هذا ليس مخطئا خطأ مطلقا، فتأذيه بسبب وجود هذا الحيوان يجعلك مطالبة بأن تصغي تماما لطلب والدك، وأن تنفذي رغبته، فلا يجوز لك إيذاؤه، حتى إن كنت أنت تريدين بقاء هذا الحيوان.
تقديمك لخيار والدك هو تقديم لمصلحتك أنت أيضا، فأنت مأجورة على بر الوالد وإحسانك إليه، فلا تجعلي طاعتك لوالدك في هذا انتقاصا لشخصيتك، وعدم احترام لرأيك، فالوالد له حق الطاعة ما دام لا يأمر بمعصية الله تعالى، وما دام يأمرك بما ليس فيه ضرر مجحف بك.
اعلمي جيدا –أيتها البنت الكريمة– أن طاعتك لله سبحانه وتعالى وامتثالك لتوجيهاته في بر والدك والإحسان إليه، هو من أسباب الرزق الحسن الذي سيسوقه الله تعالى لك، فإن طاعة الله تعالى سبب لكل فرج ومخرج، وقد قال: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب) [الطلاق: 2-3].
نصيحتنا لك أن تملئي الفراغ النفسي لديك بالاشتغال بأمور أخرى، وما أكثرها، فأنشئي علاقات مع النساء الصالحات، والفتيات الطيبات، وحاولي الاستفادة من وقتك فيما ينفعك، وهذا النوع من العلاقات يفيدك على جوانب شتى وصعد كثيرة، فهو من جانب يكسر العزلة لديك، ومن جانب آخر يعود عليك بمنافع كثيرة دينية ودنيوية، وهو كذلك قد يكون من أسباب تحصيل الزوج الصالح، فإن النساء أدوات للتواصل بين الأسر والأفراد، فاحرصي على ما ينفعك، وهذه وصية النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز).
خير ما نوصيك به -أيتها البنت الكريمة- ملازمة فرائض الله تعالى، والإكثار من الاستغفار، فإن ذكر الله تعالى أنس للقلوب وراحة للنفوس، فقد قال الله: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) [الرعد: 28].
نسأل الله تعالى لك الخير الوفير، وأن يعجل لك بكل ما تحبين.