زوجي يتهمني بالتقصير في حقه وحق أطفالنا، كيف أتصرف معه؟

0 27

السؤال

السلام عليكم.

ما حكم خدمة الزوج إذا كنت أفعل كل ما بوسعي، ومع ذلك يتهمني بالتقصير في الأعمال المنزلية؟

لقد تعبت واكتأبت، وخصوصا أني طبيبة، وتركت عملي ومنزلي وأهلي وبلدي، وجئت معه لبلد آخر، ويشهد الله أني لا أقصر في فعل أي شيء لخدمته وخدمة أبنائه، ولكني أصبحت أشعر أنه لا يراني إلا خادمة، مع أنه مقتدر ماديا أن يجلب من يساعدني في المنزل.

لقد اكتأبت، أشعر دائما بأني متعبة، ولا أستطيع توفير ما يطلبه من أعمال المنزل على أكمل وجه -كما يقول-.

علما: بأن لدي 3 أطفال، أكبرهم عمره 7 سنوات، و5 و4 سنوات، ويتعبونني كثيرا، ولكنه لا يقدر ذلك أبدا، ويرى أني لا أفعل شيئا.

أفكر أن أتركه الآن؛ لأني لا أستطيع أن أقدم المزيد، ولا أتحمل نوبات غضبه، واتهامه لي بالتقصير يوميا، وخصوصا في رمضان وأنا صائمة، ماذا أفعل؟ وهل إن تركته وعدت لبلدي آثم على ذلك؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Reem حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلا بك -أختنا الفاضلة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يهدي زوجك، وأن يصلح أمره، وأن يقيكم شر كل ذي شر إنه جواد كريم.

وبخصوص ما تفضلت به، فاعلمي -أيتها المباركة- ما يلي:
أولا: جزاك الله خيرا على حسن تبعلك لزوجك، وعلى اجتهادك في البذل والإحسان إليه، وعلى صبرك من أجل الحفاظ على الأسرة والأولاد، وهذه لها أجر عظيم عند الله تعالى، ومعلوم أن الزوجة التي تصبر على سوء خلق الزوج، من أجل الحفاظ على بيتها وتربية أولادها؛ يضاعف لها الأجر عند الله.

يقول أحد العلماء: (المرأة مأجورة عند الله تعالى على تربية أولادها مطلقا، فكيف إذا ضاقت عليها الدنيا بسوء خلق زوجها، وتكاد من أجل هذا أن تترك أولادها وأطفالها الصغار، لكن صبرت وصابرت، وتحملت كل ألوان الأذى من زوجها من أجل أطفالها؛ وحتى لا تتركهم يتشردون في الطرقات فيضيعون، فإن لها بذلك الثواب المضاعف إن شاء الله تعالى، وقد ورد في الحديث عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: دخلت علي امرأة ومعها ابنتان لها تسأل، فلم تجد عندي شيئا غير تمرة واحدة فأعطيتها إياها، فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها، ثم قامت فخرجت، فدخل النبي -صلى الله عليه وسلم- علينا، فأخبرته فقال: (من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار)، متفق عليه. وقوله (ابتلي) أي من اختبره الله بهن، وقد سماه ابتلاء لموضع الكراهة عند بعض الناس لهن.

ثانيا: لا يخفاك أنه لا يخلو بيت من مثل تلك المشاكل، ولو كان ثمة بيت خال من ذلك لكان بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولكن هذا لم يحدث، فالتاريخ والسير يحملان من الأحداث التي حدثت في بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الشيء الكثير.

ثالثا: نحن لا نشجعك على ترك بيتك، ولا تخريب أسرتك، ولا تيتيم أولادك وأنتما على قيد الحياة، فما دامت هناك وسيلة للإصلاح ولو قليلة يجب استثمارها، والقاعدة الحياتية التي يجب أن تكون راسخة في وجدانك، أن ما يمكن إصلاحه يجب عدم تركه، وما لا يمكن إصلاحه يجب التعايش الذكي معه، بهدف التقليل من آثاره، وهذا يحتاج إلى عدة أمور:

أولا: استحضار مميزات الزوج، بل وكتابتها في ورقة منفصلة؛ لأن الشيطان عند الغضب يعمد إلى تضخيم الأخطاء فوق الحد الطبيعي، وفي ذات الوقت إغفال كل مزايا الزوج ولو كانت كثيرة، والهدف من الاستحضار هذا لأن الدافعية النفسية لها دور كبير في التأثير على البدن، بل وتوجيهه، نعم توجيه البدن سلبا أو إيجابا، والدليل على ذلك ما يلي:
- لو كنت مرهقة أشد الإرهاق حتى لا تستطيعي القيام لإحضار طعام لك، ثم فجأة عاد ولدك الغائب من السفر، كيف تكون دافعيتك للقيام؟! هذا عين ما نتحدث عنه، متى ما استحضرت الجانب الإيجابي حتى ولو بسيطا، اعتدلت الدافعية النفسية، فأثر ذلك على نفسيتك أولا، ثم على طريقة تعاملك مع الزوج ثانيا، وكل هذا له آثار جيدة.

ثانيا: استحضار الأجر من الله على كل جهد تبذلينه، والاجتهاد في إحداث نية لكل عمل تقومين به.

ثالثا: إشراك الأولاد معك في العملية الترتيبية في البيت، فحتى لو كان جهدهم قليلا لا يذكر، إلا أن الاعتياد على ذلك أمر تربوي لهم، ثم يخفف الأعباء المنزلية عليك.

رابعا: مدح الزوج على ما يحسنه، وشكره على ما يفعله، والاعتذار له على ما يقصر فيه؛ منهج له مردود إيجابي على الزوجة من زاويتين:
- أنه يعيد الحياة الزوجية إلى دائرة الود، وإذا عاد الود ستجدين زوجا يخاف عليك ويقلق ويظهر ذلك.

- أنه يعيد الحوار إلى وضعه الصحيح، وإذا عاد الحوار، استطاع الزوجان تحديد الأولويات، وتقديم ما حقه التقديم، والعكس.

خامسا: عصبية الزوج لا بد من معرفة أسبابها؛ لأن العصبية عادة عرض عن مرض، وعليه فيجب التعامل معه بمنهجية تستهدف ما يلي:
1- الانتقال من السيء إلى الحسن، وهذه أعلى المراتب.
2- تقليل العصبية وهذه أوسطها.
3- عدم الانحدار في العصبية أكثر، وهذا أيضا نجاح.
وعلينا ونحن نبدأ مرحلة التغيير بوضع النقطة الثالثة هدفا أوليا، ثم نترقى بعد ذلك.

وهذه الوسائل -أختنا- تعينك على ذلك:
1- تعميق علاقتكما بالله عز وجل، فإذا أحب الإنسان ربه شعر بالأمن، وإذا شعر بالأمن تولد منه الرغبة في المزيد من العطاء، وانقشعت عنه بعض المخاوف التي تقلقه.
2- الاجتهاد في معرفة الأمور التي تدفعه للعصبية، أو إلى ردات الفعل العنيفة ومحاولة تجنبها ما أمكن.
3- توسيع دائرة معارف الزوج -ما أمكن-، لتشمل بعض الصالحين من أهل التدين، فإن الصاحب كما قالوا ساحب.
4- زراعة الحوار في البيت، وغرسه بالإقناع، وسقيه بالود والحنان، هذا ما نريده اليوم أن يكون واقعا بينكما، وهذا بالطبع سيأخذ وقتا، لكن وفق قاعدتنا الأولى في التغيير، أن لا ننحدر فنحن في نجاح حتى نصل إلى ذلك.
5- إن مرت لحظات سعادة ولو بسيطة، اعمدي على تضخيمها واشكريه على ذلك، فهذا سيترك انطباعا جيدا عنده حتى ولو لم يعلق.
6- نريدك بعد فترة ما من التغيير أن تذكري له أن الحياة الزوجية لا بد فيها من مراجعات، حتى نتدارك الأخطاء ونبني على الإيجابيات، وأنا أريدك أن تذكر لي سلبياتي التي تجدها لأحاول تغييرها، على أن تكتبها في ورقة لأحاول تغييرها.

اتركي له فترة ليكتب تلك السلبيات، وعندما يكتبها ستكتشفين أن بعضها حقيقي، وبعضها مبالغ فيه، وبعضها غير موجود بالجملة، لا تعترضي على شيء، وأخبريه أنك ستضعين خطة لتغيير هذه الأخطاء.

لا تذكري له كتابة سلبياته إلا إذا طلب منك، ولا تتعجلي، سيطلب منك ولو متأخرا، لكن إن لم يطلب اعلمي أنه يراجع نفسه في ذلك، فإذا طلب منك حصر السلبيات، اكتبي في ورقة واحدة على أن تكون ثلثها الأول إيجابيات والأوسط السلبيات، والأخير حبك له وتقديرك لتعبه.

وأخيرا -أختنا الكريمة-: نكرر لك أن الحياة الزوجية لا بد أن تمر بتلك المصاعب، وليس الحل في ترك بيتك ولا هدم أسرتك، فهذا أسهل طريق بل ويحسنه كل الناس، لكن الطريق الأصعب هو الإصلاح، والذي أنت أهل له -إن شاء الله-، احرصي على الإصلاح، مع كثرة الدعاء لله أن يصلحه وأن يهديه، إنه جواد كريم.

وفقك الله –أختنا- وأصلح الله حالك وحال زوجك، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات