والدي رفض إكمال الزواج بسبب راتب زوجي وبيته!

0 1

السؤال

السلام عليكم

كيف أتخلص من العشق والتعلق؟ وهل سأنسى؟

أود سماع ما يثبت فؤادي من قصص التابعين؛ لعل ذلك أن يخفف عني لأنسى هذا العشق، هو حب نقي نشأ في فترة عقد القران، وآلت الأحداث والمشاكل بين والدي وزوجي لفسخ العقد.

موعد عرسنا كان محددا بعد شهر، ووالداي وضعا حدا لهذه العلاقة بدون استشارتي، أو إعطائي الحق في الكلام، وإن جئت أتحدث وأدافع عن نفسي أجدني فتاة عاقة في نظرهم، وأذل نفسي، وقيمتي؛ وهذا كله بسبب أن زوجي حينما خطبني، قال: راتبي كذا، ومعي بيت كذا.

بعد عقد القران اتضح أن لديه قرضا ربويا بنصف راتبه، والبيت باسم أمه، وينوي الدخول بقرض آخر، وهناك قرض بفائدة ربوية قليلة، يعطى في بلدنا للأساتذة الذين ليس لهم أملاك باسمهم، مع أن إخوته كلهم لا يفعلون ذلك.

أنا بالنسبة لي سامحته، لأنه أخفى هذا الأمر، ثم لأنه وعدني أنه لن يأخذ أي قرض بالمستقبل، لأني أحبه، ثم لأنه شخص صالح لم أر منه عيبا، ولا يدخن ولا يسب، وهو بار بوالديه، ويعاملني مثل الأميرة.

لست مستعدة أبدا لهذه الإجراءات، فإنني بين نارين، ووالداي أخذا قرارهما النهائي؛ لأنه وعدهما بإرجاع البيت باسمه، ليؤكد أنه لن يأخذ القرض، والآن تراجع عن الوعد، يقول: لا تفرضوا علي أمرا.

كذلك رأيت رؤيا، ولأول مرة أرى بحياتي رؤيا كهذه، وبالفصحى، رأيت أني كنت في حديقة، فقابلني رجل، وقال لي: ألا أدلك على خير ما نطقت به الألسن، فقلت له ما هو؟ قال لي: دعاء فيه عظمة وحكمة، قلت له ما هو؟ قال: قولي: (رب ابن لي عندك بيتا في الجنة)، ثم قال لي: أتعلمين الحكمة من هذا الدعاء؟ قلت له: أي شيء وصانا به الله ورسوله عليه الصلاة والسلام فيه حكمة، فقال لي: لا يجب أن تعرفي الحكمة من الدعاء.

استيقظت وكانت الساعة الرابعة، وإذا بمؤذن الفجر يؤذن، وصليت، وبحثت عن حكمة الدعاء في الانترنت، وإذا بي أجده أنه دعاء ورد بالقرآن، وهو دعاء آسية امرأة فرعون، آسية اختارت الجار قبل الدار، اختارت الرفيق الأعلى، وفضلت بيتا في الجنة لم تره بعينيها قط، فضلته عن مال وجاه وقصور فرعون.

فسرت حلمي أنه تثبيت منه سبحانه أن أعمل لآخرتي بصالح العبادات، والله سيعوضني عن كل شيء في الآخرة.

أنا أقول هذا الزواج بمن أحب، الزواج بالرجل الذي أخذ مني عقلي وشغاف قلبي، سيقربني منه سبحانه، وسأحصن نفسي، وأحصن زوجي، وإن كنت مطيعة لزوجي سأدخل الجنة.

قال لي: تعالي لبيت زوجك في موعد العرس، ثم إن والديك سيسامحانك!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

الأخت الفاضلة: نحن نتفهم حديثك، ونتفهم الألم الذي ألم بك، ونرجو أن تقرئي رسالتنا بهدوء.

أولا: نحب ابتداء أن نهدئ روعك، وأن نطمئنك، فقضاء الله نافذ لا محالة، وقدر الله غالب لا شك فيه، فإذا قدر الله أن هذا زوجك، فثقي أن الله سييسر الأسباب لذلك، وسيكون لا محالة، وإن كانت الأخرى فلو بلغ حرصك عنان السماء لن يكون، فمن المسلمات العقدية عندنا نحن المسلمون أن قدر الله غالب، وأنه لا يقع شيء في الكون إلا بأمره، وأن هذا مكتوب من قبل أن يخلق الله السماوات والأرض.

روى مسلم في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء) في الوقت الذي لم تكن السماوات والأرض قد وجدت، بل بينهما خمسون ألف سنة، كتب الله لك وعليك كل شيء، فإذا آمنت بذلك واقتنعت تماما به، علمت قطعا أن خوفك وقلقك ليس في محله؛ فقد رفعت الأقلام وجفت الصحف، ولم يبق إلا ما كتبه الله سبحانه وتعالى.

ثانيا: يخبرنا القرآن أن الخير دائما ليس في كل ما نحب، كما أن الشر ليس في كل ما نكره، فقد يتمنى المرء ما يضره ويتعبه، وقد يكره ما ينفعه ويفيده، ولعل هذا بعض تفسير قول الله: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) المؤمن يعلم أن في قضاء الله الخير لا محالة، والواقع يشهد على زيجات حرص البعض على إتمامها، فكانت وبالا وشرا مستطيرا، فالتسليم سر نجاح المؤمن.

ثالثا: التفسير لما رأيت قد يكون ليس صحيحا، بل ربما العكس هو الصحيح، فقد باعت آسية زوجها لا أهلها، واشترت الآخرة؛ ولذلك لا نريدك أن تربطي هذه الرؤيا بشيء.

رابعا: إننا نحذرك -أختنا- من الإقدام على الزواج من دون موافقة الأهل، احذري أن تكوني طعمة بيد الشيطان فتهلكي، واعلمي أن كل من فعلت ذلك هانت في عين زوجها وأهله بعد الزواج، بل وبعضهم صارت خادمة عند زوجها وأهله وليتها سلمت.

أختنا: أهلك هم حصنك الحصين أمام اعتداد زوجك أو أهله، وهم سندك بعد الله إذا حدث ما لا بد منه من مشاكل، وأنت بهم عزيزة فلا تذلي نفسك، ولا تقولي أتزوج وسيرضى أبي بعد ذلك! وما أدراك أنه سيرضى؟! إن زواج الفتاة بدون إذن أبويها كسر لا يجبر فاحذري.

خامسا: إننا ننصحك بما يلي:
الأول: توسيط بعض أهل الدين والصلاح، ليحدثوا أباك ويحدثوك خطيبك؛ حتى يجدوا أرضا مشتركة بينهما.
الثاني: الحديث مع والدتك عن رغبتك في الزواج من الشاب، والأم بطبيعتها تحسن أن تتدخل في الوقت المناسب.
الثالث: الدعاء بالصلاح مع التسليم بالقضاء، والاطمئنان إلى أن الله يختار لعبده الخير، وما دمت قد استخرت الله عز وجل، فأبشري بكل خير.

عليك بالدعاء -أختنا الفاضلة- أن يوفقك الله لخير الأمور، وأن يختار لك الخير، وأن يرضيك به، واعلمي أن العبد ضعيف بنفسه قوي بربه، وأن الله قريب مجيب الدعاء، وأن الدعاء سهم صائب لا يخيب طالبه، فلا تيأسي وعلى الله توكلي.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات