أبي يرفض زواجي ويهددني بعدم تناول دوائه إن تزوجت!!

0 3

السؤال

أبي يستعمل مرضه كوسيلة للضغط علينا في كل قرارات حياتنا الجذرية، أريد الزواج وأنا مقتدر دون أي مساعدة من أحد، وهو يهددني بأنه سيموت إذا فعلت هذا، وهكذا في كل أمور الحياة الصغيرة والكبيرة، وجميعها حلال.

أشعر بالاستنزاف، والاكتئاب يخيم على حياتي، وأشعر برغبة في الموت طول الوقت بسبب هذا، فأبي لا يتناول دواءه للضغط، رغم أنه علاج مدى الحياة، ويهددني إذا أردت أن أفعل أي شيء لا يوافق عليه -ليس حراما- بأنه سيموت بسببي، هل الزواج والستر حرام؟ هل اختيار الحياة المناسبة لشخص بالغ عاقل حرام؟ ماذا أفعل؟ أخاف أن يموت أبي على هذا الحال، لأنني أعرف أنه ألقى بيده إلى التهلكة.

لا أريد أن أدفن حياتي واحتياجاتي في سبيل إرضائه، حتى لا أموت حزنا، أبي لا يصدق إلا الدين، وما قال الله والرسول صلى الله عليه وسلم؛ لذا أرجو أن توجهوا إليه رسالة كي يرحمني، ويبارك الله زواجي وحياتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ آدم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك هذا السؤال الذي يدل على حرصك على بر الوالد، والذي نسأل الله تبارك وتعالى أن يهديه إلى أحسن الأخلاق والأعمال، وأن يعينه حتى يتفهم حاجة أبنائه إلى أن يعينهم على بره.

الحمد لله، أنت تعرف قضية البر، وهذا السؤال أكبر دليل على حرصك على أن تكون بارا بالوالد، وما يحصل من الوالد قطعا لا يمكن أن يقبل من الناحية الشرعية، ونتمنى أن تجد في الأعمام والعمات والأخوال الخالات والدعاة والعقلاء من يكلم الوالد في أمر زواجك، وفي هذه الأمور، وحتى يأتي الكلام من جهة يقدرها الوالد، ويكون كوسيلة ليفهم حاجتك.

الذي يحصل منه لا يقبل من الناحية الشرعية، خاصة إذا كنت تخشى على نفسك الوقوع في معصية، أو فيما يغضب الله تبارك وتعالى، فعليك أن تتلطف معه وتمضي في هذا السبيل سبيل الزواج وطلب العفاف، طالما أنت -ولله الحمد- قادر على أن تقوم بواجباتك تجاه الزوجة وتجاه هذا الوالد وتجاه الأسرة، لأن هذه واجبات أيضا ينبغي للإنسان أن يضع لها حسابا عندما يريد أن يؤسس حياته الجديدة.

كما نرجو أن تجد من الوالدة والأخوات والإخوان من يتفهم هذا ويعينك على هذا، وإذا كان هذا السلوك معروفا للوالد فالأسرة طبعا لا بد أن تتعامل مع هذا الوضع بحكمة وبحزم، أي حزم واستمرار في فعل ما يرضي الله تبارك وتعالى، وفعل ما هو صواب وفيه مصلحة، فليس من البر أن يمنعكم عن أمور هي مباحة وطاعة لله تبارك وتعالى وما قد يكون واجبا كالزواج، إذا خشي الإنسان على نفسه من الوقوع فيما يغضب الله، ولكن مع هذا نحن ندعوك إلى أن تستخدم السياسة والرفق والوسطاء وأصحاب الوجاهات؛ لأن هذا طريق سيمثل وسيلة ناجحة، وهو أيضا فيه لطف في التعامل مع الوالد.

أما رسالتي للوالد فأنا أشكر له حرصه على أبنائه، نسأل الله أن يسعده بهم، ويعينهم على بره، وهو يستحق كل خير، فهو والد ومقام الوالد عظيم، ونقول للوالد مقامك كبير عند أبنائك، وفي شريعة الله تبارك وتعالى، لكن رحم الله والدا أعان ولده على بره، فنرجو منك أن تعين أبناءك على برهم لك، وإذا أردت أن تطاع فمر بالمستطاع.

الإنسان لا ينبغي أن يكون مصدر إتعاب وشقاء لأبنائه، ويحاول أن يمنعهم من أمور فيها مصلحة له ولهم، ودائما نحن كآباء نحن نكلمك بلسان الآباء الذين لهم أبناء، وينتظرون الأحفاد وليسعدوا بأحفادهم، فإن هذا الابن إذا تزوج ومضى في حياته فإنه سيصبح لك أحفاد، سيملؤون حياتك بهجة وسرورا، وهذا ما يتطلع له دائما الآباء والأمهات، أن يروا أحفادهم وأحفاد أحفادهم -أي أحفاد أبنائهم-، ويحرصوا على هذا؛ لأن هذا مما يسعد الإنسان.

نقول له: نتمنى أن تكون عونا لأبنائك على بلوغ الحلال، وأيضا الإنسان ينبغي أن يعين أولاده على الطاعة لله تبارك وتعالى، لأن منع الولد من الزواج -كما أشار الشيخ ابن عثيمين- أو عدم مساعدته إذا كان الأب مستطيعا إذا ترتب عليه وقوع الولد في معصية؛ فإن الأب يكون شريكا، لأنه وضعه في مواضع الهلكة عياذا بالله.

نسأل الله أن يعينك وأن يطيل عمرك، وحقيقة نحن نهنئك على هؤلاء الأبناء، وهذا الابن البار الذي دفعه الحرص عليك وعلى مصلحتك وشفق عليك، وانزعاجه من تساهلك في تناول الدواء الخاص بالضغط، لخطورة ذلك عليك، كل هذا يدل على صدق البر.

نسأل الله أن يزيدهم حرصا وبرا وخيرا، وأن تكون عونا لهم على طاعتك التي هي من طاعة الله، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات