السؤال
السلام عليكم.
عمري 36 سنة، تزوجت رجلا يصغرني بثلاث سنوات، استخرت الله قبل الزواج، وكنت أراه زوجا صالحا، عاقلا، ذا أخلاق ومستوى جامعي، أخبرني بأنه يتيم، وليس لديه المال للزواج والعمل.
انفتحت عليه، وقلت له سنقوم معا بعمل تجاري بين البلدين، كان طموحي كبيرا، وأنا شغولة، ولم أحظ بفرص في حياتي، فقد كنت أوفر المال لأهلي وإخواني، حتى تعبت، فقلت أتزوج وأستر على نفسي، وأنجب الأبناء، وأن الله هو المغني.
وبعد الزواج انصدمت، فقد ظهر بأنه رجل تنقصه الشجاعة، والرجولة، والمسؤولية، والنخوة، يريد الاعتماد علي في كل شيء، وعذره: أنت جئت بي لهذه البلد، وأنت المسؤولة أن تصرفي علي، وتدبري لي عملا!
تعبت، وذللت نفسي لكثير من الناس، وبعت ذهبي، وأردت الطلاق، ولكن أمي اعترضتني، تقول ماذا نفعل بكلام الناس؟!
صبرت، وكل مرة أصبر نفسي أن الله كتبه لي، وهذا بلاء، لكنه تمادى بفضحي عند الجيران، ويسبني، ويعيب علي أني كبيرة.
طلبت منه العيش ببلده، فاعترض، وقال ليس لدي مسكن، أين سأسكنك؟ وبيتهم كبير، وكل الزوجات تسكن هناك، والأم تصرف عليهم.
عندي ابن منه، وصار أهلي متحملين لمسؤوليته، كان يعمل وترك العمل بحجة أن صاحب العمل يتعبه.
قلت له: أنا وأهلي لم نعد نريدك، فبعث برسائل تهديد ودعاء، فهل أنا مخطئة؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت به، فاعلمي -بارك الله فيك- ما يلي:
أولا: إننا نحمد الله إليك هذا الجهد وهذا البذل، وإعانتك لأهلك، وعملك من أجلهم في ميزان حسناتك، ومحافظتك على بيتك لآخر لحظة هو أيضا في ميزانك، فالحمد لله على الإعانة، والحمد لله على نعمة الزواج، وإن حدث ما حدث، فقد استخرت الله عز وجل، ولو لم يكن من الزواج إلا وجود طفل في حياتك لكان خيرا عظيما، فغيرك يعيش المعاناة التامة ولم يحظ بمولود، فاحمدي الله وانظري دائما إلى الإيجابيات مع النظر إلى أسباب السلبيات وليس السلبيات.
ثانيا: قد ذكرت أن الزوج عند بداية الزواج كان صالحا، عقولا، خلوقا، فما الذي غيره؟ الإجابة لا تخرج عن أمرين:
- إما أن التقدير من البداية كان خطئا، والزوج لم يكن كذلك، ولكن رغبتكم في الزواج المشروع جعلكم تقصرون في السؤال عنه.
- أو يكون حدثا عارضا أثر في نفسيته، أو توقع ما لم يجده على ما كان، أو صحبة سيئة غيرت توجهه، أو تقصير ما، أو شدة أقعدته وأصابته باليأس.
لماذا نقول هذا الكلام أختنا؟
لأننا نؤمن بأمرين:
- الحياة الزوجية لا تقوم على المثالية، بل لا بد فيها من معاناة، ولا بد فيها من تعرجات، والعاقل من يعرف متى بدأ المنعرج، ويبدأ بتقويمه، فإن علاجه في البداية يسير، فإن عجز عن ذلك فيبدأ برصد المشكلة، وأسبابها، ثم يحاول العلاج إما بإزالة السبب، أو على الأقل التخفيف من آثاره.
- أن كل طرف يرى الآخر بعين ذاته، وتصوره المسبق عنه، ولو ترك كل واحد فينا المجال للآخر ليتحدث ويفهم عنه ما فيه، ويرى نفسه بعين صاحبه لقلت كثير من المشاكل.
ثالثا: إن كان هناك مجال للإصلاح فإننا ندعوك إلى عدم تركه، مع الاستماع إلى زوجك، والقبول منه الحد الأدنى القادر عليه، فإن لم تتفقوا فأدخلوا أحدا من أهل الدين والحكمة ليصلح أو يفصل.
رابعا: سؤالك الآن نجيب عليه مباشرة: لست مطالبة بالنفقة على بيتك، ولست مطالبة بالعمل، بل هذا واجب الزوج، وإعانتك له بالعمل فضل لا فرض، وبناء عليه فإذا تعسر في نفقاته، ولم يوفر لك الحد الأدنى من المعيشة، وتضررت بسبب ذلك، ولم يعد إلا الطلاق، واستشرت أهل الحكمة وأهلك، والجميع حكموا بذلك فلا حرج عليك ولا إثم.
نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يسترك، والله الموفق.