السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أكره نفسي، وأكره حياتي، ليس لدي طاقة للدراسة أو العمل، مع أني في سنة جامعية مصيرية.
افترقنا أنا وخطيبتي، أحببتها من صميم قلبي، لم حدث ذلك؟ أين الحكمة؟ لا اعتراض على حكم الله، ولكن أنا يائس.
عدت إلى عاداتي السيئة كالتدخين، وتوقفت عن الصلاة، ليس لدي طاقة لأعيد هيكلة حياتي، ما الحل برأيكم؟ علما بأني أحب الله ورسوله الكريم، والله على ما أقول شهيد، وأشعر بالندم لتركي الصلاة، ولكن أشعر بثقل على قلبي وفقدان الطاقة تماما.
جزاكم الله خيرا، وبارك فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زين العابدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أولا، نعتذر عما تمر به من ألم وتحديات، إن فقدان شخص أو مواجهة تحديات مصيرية في الحياة يمكن أن يكون له تأثير عميق على النفس.
الإحساس باليأس وفقدان الطاقة شيء طبيعي في مواقف مشابهة لموقفك، لكن هناك بعض الأشياء التي قد تساعد:
1. نعلم مدى صعوبة العودة إلى الصلاة في هذه الظروف، لكنها فعلا توفر الراحة والطمأنينة، قد يكون من الصعب بدء الأمور من الصفر، لكن تذكر أن الله يحب التوابين ويتجاوز عن الذنوب.
حاول بدء الأمور تدريجيا، حتى وإن كانت صلاة الفرائض فقط دون النوافل، ثم تدريجيا تبدأ بالمحافظة على النوافل. ﴿ واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين﴾ (سورة البقرة: الآية 45).
يمكن أن تستعين بصلاة الجماعة للمحافظة على قوة حضورك الذهني والقلبي في الصلاة، وستنتفع بها حتما، اعزم على هذا القرار، وجربه لمدة شهر، وسترى النتيجة -بعون الله-.
2. في بعض الأحيان، قد نحتاج إلى المساعدة الاحترافية للتغلب على المراحل الصعبة في الحياة، قد يكون من المفيد البحث عن مستشار نفسي، أو طلب الدعم من مركز متخصص.
3. ادع الله باستمرار وبكل صدق، قد يكون لديك الشعور بأنك بعيد عنه، لكن تذكر أن الله قريب جدا ويستجيب الدعاء، اطلب منه الهداية والسكينة والقوة. ﴿وإذا سألك عبادی عنی فإنی قریبۖ أجیب دعۡوة ٱلداع إذا دعانۖ فلۡیسۡتجیبوا۟ لی ولۡیؤۡمنوا۟ بی لعلهمۡ یرۡشدون﴾ [البقرة ١٨٦].
هناك صور لإجابة الدعاء:
. إما أن يسعف الله الداعي بتحقيق رغبته التي دعا بها فيعجلها له في الدنيا.
. إما أن يدخرها له في الآخرة.
. إما أن يرد عنه من البلاء بقدرها.
هذا كله جاء في حديث أبي هريرة المتفق عليه، حيث يقول عليه الصلاة والسلام: (ما من مؤمن ينصب وجهه لله عز وجل يسأله مسألة إلا أعطاه الله إياها: إما عجلها له في الدنيا، وإما ادخرها له في الآخرة، ما لم يعجل. قالوا: وما عجلته يارسول الله؟ قال: يقول: دعوت، دعوت، فلا أراه يستجاب لي) متفق عليه.
4. نعلم أن التوقف عن التدخين يمكن أن يكون صعبا، ولكنه سيؤدي إلى تدهور صحتك، حاول البحث عن بدائل صحية للتغلب على الضغط، مثل المشي أو التمرين أو القراءة.
5. ابحث عن دعم أحبائك وأصدقائك في أوقات الضعف، قد نحتاج إلى دعم الأحباء حولنا، حاول التحدث مع أصدقائك أو أحد أفراد العائلة عما تمر به.
6. حدد أولوياتك مع الألم والضغوط، قد يكون من الصعب التفكير في الأمور بوضوح، حاول البدء بتحديد الأمور المهمة والتركيز على واحدة في المرة الواحدة.
7. تقرب من الله من خلال أعمال أخرى، قد تجد الراحة في قراءة القرآن، أو الاستماع إلى محاضرات دينية، أو حتى الخروج في الطبيعة، والتأمل في خلق الله.
8. نصيحتنا دوما للشباب بأن يبتعدوا عن ربط العلاقات قبل الزواج مع الطرف الآخر؛ لأن هذا قد يقود الطرفين إما إلى ارتكاب ما حرم الله، وإما إلى ألم نفسي نتيجة الانفصال كما حصل معك.
أخيرا، تذكر دائما أن الله مع الصابرين، وأن لكل أمر حكمة، حتى وإن لم ندركها في الوقت الحالي، ابحث عن الخير في كل موقف، وتذكر أن هذه المرحلة ستمر، وأن الله سيهيئ لك السعادة والراحة مرة أخرى.
نسأل الله لك الشفاء والهداية والسكينة، وأن يعينك على تجاوز هذه المرحلة الصعبة في حياتك.