كيف أنصح والدي بالابتعاد عن ما هو محرم بإحسان؟

0 46

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أما بعد، أنا بنت قد هداها الله إلى طريق الحق والاستقامة بعد سنين من المعاصي وغيره، وعندما تبت إلى الله أدركت أن القليل من الأعمال التي كنا نقوم بها في عائلتنا ونحن نحسبها حلالا هي في واقعها حرام.

أنا وبحمد من الله قد تبت من ذلك كله، ودائما ما أنصح أمي بالابتعاد عنها، ودائما ما تأخذ بنصيحتي بصدر رحب، ولكن المشكلة في والدي! فكلما نصحته قليلا بشأن أمر ما يعرض عن النصيحة، وهذا يحدث في نفسي ألما خشية عليه، فهل لكم سبل أعتمدها لأنصحه بأسلوب لبق لا يؤدي إلى العقوق ولا يقلقه، بأن يبتعد عن مثل هذه المحرمات والنواهي؟

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وئام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

أولا: نشكر لك حرصك على بر والديك والإحسان إليهما بالنصيحة والوعظ والتنبيه على اجتناب المحرمات، وهذا من توفيق الله تعالى لك، وإرشادك إلى الخير، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدى وصلاحا.

كما نهنئك أيضا بتوبتك وتركك لكل ما يغضب الله تعالى عليك، فهذا فضل من الله تعالى وإحسان، نسأل الله تعالى أن يديم عليك فضله ونعمته.

وسؤالك –أيتها البنت الكريمة– عن طريقة نصح الوالد بشكل لا يؤدي إلى العقوق هو علامة أيضا على حسن ديانتك ورجاحة عقلك وكرم خلقك، ونحن على ثقة أنك ما دمت على هذا المستوى من الاعتناء والاهتمام بشأن دينك وبشأن والديك؛ أن الله تعالى سيوفقك ويأخذ بيدك إلى الخير.

والفقهاء يقررون أن الولد ينبغي له أن ينصح والديه ويأمرهما بالمعروف وينهاهما عن المنكر بطريقة لا تؤدي إلى غضبهما، فإذا غضب الوالد وجب على الولد أن يسكت ولا يأمره بمعروف؛ لأن إغضاب الوالد عقوق، ولهذا ننصحك بأن تباشري نصح والدك بطريقة غير مباشرة، حتى لا يشعر بأن النصيحة جاءته ممن هو أصغر منه، وأنه ممن كان ينبغي أن يكون منصوحا لا ناصحا.

فإذا عرض لك أمر مثلا تريدين أن تنبهي والدك إلى الخطأ فيه؛ فيمكنك أن تضعي عليه هذا الموضوع بطريقة سؤال، لتقولي له بـ (إنني سمعت مثلا بعض الآراء تقول كذا، وبعض الآراء تقول كذا، فما رأيك والدي؟ أيهما أفضل وأحب إلى الله تعالى)، وبهذا تصل الرسالة بأنك تبصرينه بالخطأ والصواب بطريقة مؤدبة، مع إشعاره بأنه هو الأكبر وهو الأقدر على التمييز ومعرفة الخير والشر والصواب من الخطأ، فيقبل الصواب ويأخذ به بطريقة غير مباشرة.

كذلك من الطرق غير المباشرة مجرد إسماعه المواعظ العامة التي تذكره بالجنة والنار وثواب الطائعين وعقاب العاصين، وأحوال القيامة، وأهوال القبور، فإن هذه كلها تثير في القلب الخوف من الله سبحانه وتعالى، وتعزز فيه الإيمان، و(الإيمان قيد الفتك) كما قال الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-، أي أنه أكبر قيد يقيد الإنسان عن الذنوب والمعاصي.

كذلك ينبغي السعي الجاد لإيجاد بيئة صالحة يعيش فيها الوالد، كإنشاء علاقات أسرية مع الأسر التي فيها أقارب صالحون وأصدقاء طيبون، فإن الجليس يؤثر في صاحبه ولا شك، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل).

كل هذه الأسباب –ابنتنا الكريمة– مؤدية بإذن الله تعالى إلى إصلاح حال والدك، وهي في الوقت ذاته أساليب راقية جدا لا تزعجه ولا تؤلمه، ولا يشعر معها بانتقاص من قدره، ومن المهم أن تتأكدي من أهل العلم هل ما تريدين إنكاره هل هو حرام فعلا أم لا.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات