السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندي أخ يبلغ أربعة عشر عاما، يعاني منذ سنوات من الشرود الذهني المتكرر؛ بحيث لا يستطيع التركيز في شيء لمدة خمس دقائق، وعندما أقوم بتدريسه أسأله كل حين إذا كان مركزا معي، كما أنه يتحدث مع نفسه بكثرة، ويعيد حوارات يومه مع نفسه، تراه غالبا جالسا أو مستلقيا في مكان ما شاخصا ببصره ويتكلم مع نفسه، وأحيانا حين يكون جالسا معنا من دون أن يشعر بأي حرج!
كما أنه يعاني من الكوابيس والحديث المتكرر، وأحيانا الصراخ أثناء نومه، بالإضافة إلى أنه شديد الخجل حين يريد التكلم مع الناس، وأحس أن شخصيته ضعيفة، ودائما ما يستصغر نفسه في كل شيء، رغم تشجيعي الدائم له، ولكن أحس أن ذلك لا يكفي؛ فالمحيط والمدرسة والأقارب لا يفعلون ذلك.
حاولنا أن نأخذه إلى طبيب نفسي عندما كان صغيرا، ولكن في مدينتنا لا توجد مراكز العلاج النفسي، ولا متخصصون في هذا المجال، فماذا نصنع معه؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في إسلام ويب، وأسأل الله تعالى العافية والشفاء لهذا الابن.
في الغالب هذا الابن -حفظه الله- يعاني من محدودية في الذكاء، ولا يعاني من تخلف عقلي شديد، لكن من الواضح أن مقدراته المعرفية -أي الذكاء لديه- منخفضة، وهؤلاء يشخصون تحت ما يسمى بصعوبة التعلم أو أنه يعاني من صعوبات التعلم؛ فالشرود الذهني وعدم القدرة على تسجيل المعلومات وتخزينها ثم إعادتها، هذه سمة من سمات صعوبات التعلم.
وقد يكون لها أسباب معروفة، وقد لا يكون لها أسباب، ومن أكبر الأسباب لها: انقطاع الأكسجين عن الطفل عند الولادة، هذا كثيرا ما يحدث، وقد يؤدي إلى مثل هذه الحالة.
بالنسبة لموضوع الحوارات التي يجريها مع نفسه والحديث مع نفسه: إما أنه نوع من الوسوسة التي تظهر في شكل حديث نفس، أو أنها نوع من الهلوسات ويسمع أصواتا مثلا ويستجيب لها ويرد عليها، وبعض الذين يعانون من صعوبات التعلم ومحدودية الذكاء والضعف المعرفي تكون لديهم هذه الحالات، والتي تشخص تحت الحالات الذهانية البسيطة.
جزاك الله خيرا على محاولاتك لتأهيله، وطبعا بالفعل كل أعضاء الأسرة يجب أن يشاركوا في ذلك، وهو قطعا يحتاج للمزيد من الدعم الأكاديمي، يحتاج لجهد أكثر لا شك في ذلك، وأهم شيء يدرب على أن يعتني بنفسه في الأمور الشخصية: كالاستحمام، وتغيير ملابسه، وترتيب فراشه في الصباح، ونظافة أسنانه، وقص الأظافر... وهكذا، هذه متطلبات أساسية جدا من أجل التطور المعرفي.
فواصلي اجتهادك معه، ويا حبذا لو تم عرضه على طبيب أطفال متخصص في أمراض الأعصاب لدى الأطفال، أو طبيب أطفال عمومي يمكن أن يقدر مستوى ذكائه، وربما أنه يعرف أحد الأطباء المختصين في مثل حالته هذه، ويحوله للطبيب المختص، نعم أنت ذكرت أنه لا يوجد مركز علاجي في مدينتكم، لكن حتى طبيب الأعصاب -خاصة إذا كان متخصصا في الأطفال- سوف يفيد -إن شاء الله تعالى-، وحتى طبيب الأسرة يمكن أن يكون له باع في مساعدة هذا الطفل إن شاء الله تعالى.
أما بالنسبة للكوابيس: طبعا هي نتاج لحالة القلق الداخلي التي يعاني منها، ونحاول دائما أن نطمئنه، ونحاول أن ننصحه ألا ينام نهارا، ويجب أن يتناول طعام العشاء في وقت مبكر، تناول الأكل في وقت متأخر أيضا يزيد من هذه الكوابيس وهذه الأحلام.
أنا لا أعتقد أن شخصيته ضعيفة، لكن هناك محدودية في مقدراته الاجتماعية، نسبة لمحدودية ذكائه.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.