السؤال
السلام عليكم
عمري 17 سنة، منذ 4 سنوات ارتكبت ذنبا عظيما، ارتبطت بشاب عبر الإنترنت، وتعلقت به وأحببته أشد الحب، وقد عزمنا على الزواج لكي يكون حبي له حلالا، لكنه من دولة أخرى وحاله المادي سيء، رغم أنه يحاول، ولكننا افترقنا لهذا السبب منذ عام، وأتمنى من كل قلبي أن أتوقف عن محادثته وأن أتوب، بدأت أقلل من حديثي معه تدريجيا؛ لأنني لا أقوى على الابتعاد عنه نهائيا، دعوت الله كثيرا أن ييسر لنا الأحوال وأن يجمعنا، وفوضت أمري إليه، وتيقنت به، لكنني تذكرت أن من علق قلبه بغير الله أذله الله به، كما يمكن أن يكون هذا شركا؛ لأنني من الممكن أن أكون قد شاركت هذا الشاب في حبي وتعلقي بالله، وأنا أخشى هذا.
أنا الآن مرضت، وقلبي يخفق بقوة هائلة، ولا أقوى على التنفس ولا الأكل ولا الشرب، وأقوم من نومي على دقات قلبي السريعة التي تكاد تقتلني، خوفا من أن أخسر رضا الله، وأن أخسر من أحب، أريد أن أتوب تماما وأن يرضى الله عني، وأن يجمعني بمن أحب، ولكني أخاف من أنني أشرك بالله دون أن أشعر، وأخاف أن أكون قد حاولت التقرب لله لاستجابة دعائي وليس لرضاه وأنا لا أعلم!
حاليا ماذا علي فعله بالضبط؟ أعتقد أنني أتعذب الآن، لا أعلم هل بسبب افتراقي عن هذا الشاب، أم بسبب خوفي من أن لا يكون لي، أو بسبب غضب الله علي؟
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ جنى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله أن يعفو عنك وأن يسامحك، وأن يثبتك على الحق إنه جواد كريم.
ابنتي: ما هذا الكلام الذي تقولينه؟! كيف سمحت للشيطان أن يتلاعب بك إلى هذا الحد؟! كيف ظننت أن علاقة عبر الانترنت محرم الحديث فيها يمكن أن تنقلب إلى زواج سعيد؟! كيف غرك ستر الله عليك إلى الآن، وبعد كل ما مر تريدين حلا لكي يكون الحرام مقبولا؟!
ماذا لو رفع الله ستره عنك فعلم أهلك، وعلم والدك، كيف تكون رؤيتك له؟! أمك كيف يكون موقعك أمامها؟ إخوانك وأخواتك؟!! إن الله حليم ستير، لكن الله إذا غضب لا يقوم لغضبه شيء، فاستعيذي بالله من هذا الشيطان، وانتبهي قبل أن يأتي غضب الله فيكون الندم ولا خلاص.
ابنتي: أربع سنوات مرت عليك والله يسترك، وأنت تعلمين قطعا أن الله غاضب عليك لأجل ذلك، أما آن لك أن يخشع قلبك، أما آن لك توبة يغفر الله لك بها ما مضى!
ابنتنا الفاضلة: من واقع خبرتنا وهي ليست قليلة -والحمد لله- لا يتم زواج صحيح عبر علاقة من وراء أظهر الأهل، ولو أردنا أن نحصي لقلنا لك ما يلي:
80 % من المحادثات الهاتفية قبل الزواج لا تنتهي بالزواج.
15 % يفتضح أمرها وينسحب أحد الاثنين.
5 % يقدر لهم الزواج، ولكن غالبا ما يكون الفشل حليفهم؛ لأنه ببساطة هذا الزوج يقول لنفسه: امرأة خانت أهلها الذين عاشت معهم طيلة عمرها، وحدثت غريبا لم تعرفه، وقالت له ما لا يحل، فهل ستحافظ على زوج تعرف عليها بعد كبرها؟!
إن من قدره الله لك زوجا سيكون من غير إذلال نفس أو ارتكاب محرم، ومن لم يقدره الله لك زوجا، والله لن يكون، ولو تواصلت معه ألف عام، فاتقي الله واحذري غضبه!
وأما الحديث عن هذا الذنب، فيكفيك توبة صادقة يتبعها ما يلي:
1- قطع العلاقة بهذا الشاب ومسح كل وسيلة تواصل معه، وتغيير أرقام هواتفك ووسائل التواصل كلها، هذا كله مرة واحدة، أعلنيها لله توبة صادقة بلا رجعة.
2- كثرة الاستغفار لله -عز وجل- وطلب عفوه مع الندم الصادق.
3- نسيان ما حدث معك، فاحذري أن تخبري به أحدا، وإن تقدم خاطب إليك فاحذري أن تخبريه بما كان منك، فالله يرحم ويغفر، ولكن البشر وإن سامحوا تظل هذه في قلوبهم.
ابنتنا: سيوهمك الشيطان أن ابتعادك عن الشاب أمر محال، وأن الموت أقرب إليك من ذلك، وأن الحياة بعده مستحيلة، كل هذا وهم يضخمه الشيطان في صدرك، وتذكري أن العين ترى غير المقدور عليه على غير ما هو عليه.
نعم، ربما ستتعبين حتى تتخلصي من هذا الداء، ولكن شتان بين تعب يقود إلى النار وإلى غضب الله تعالى، وبين تعب يفضي إلى مرضاته وجنته ورضوانه، والخيار لك.
استعيني بالله وأقبلي على الله، مزقي كل الأوراق التي للشاب، واحمدي الله أن عافاك قبل أن يعاقبك، فإن بعض الأخوات -سامحهن الله- غرها حلم الله عليها، وظنت أن الانفصال عن من أحبت ضرب من المستحيل حتى فضح أمرها، وكشف سترها، وكان أول من تركها وغدر بها هو ذاك الذي أفنت عمرها في حبه، بل وتزوج غيرها، والفتاة إلى اليوم حبيسة دارها لا أهلها يريدون الحديث معها، ولا الناس تريد التقدم لها، وتكتب إلينا تسألنا عن جواز الانتحار؟!
فاتقي الله، واستجلبي مرضاته قبل أن ينالك غضبه سبحانه، واعلمي أن الله قريب مجيب الدعوات، كما ننصحك أن تشغلي وقتك بكل مفيد، ولا تسلمي نفسك للفراغ أو التفكير، فكلاهما مذهب للعقل مجرئ على المعصية.
نسأل الله أن يثبتك على الحق، وأن يسترك إنه جواد كريم.