السؤال
السلام عليكم
أنا فتاة من أسرة متوسطة الدخل -والحمد لله-، أعاني في بعض الأوقات من نقص كبير جدا، أرغب في أشياء كثيرة، ولكن لا أستطيع بسبب نقص المال، وحينها أجلس أبكي (أعرف أن الرزق بيد ربنا ولكن..).
أيضا أحيانا أستاء من الأشخاص ممن حولي، أنظر إلى تصرفاتهم، وأستاء منها، لكن لا أستطيع أن أغيرهم.
ليس لدي صديق قريب مني أحكي له، وأحيانا أريد أن يصبح لدي حبيب، وأخاف من أن أتقيد ولا أنجز في حياتي، أيضا أقول إن الحب حرام، وأجلس أفكر كثيرا.
بصراحة لا أستطيع أن أصف شعوري وحالتي النفسية، وأصبحت كثيرة التفكير والتحليل، وأريد أن أعرف أي شيء من حولي، وأقضي معظم الوقت وأبكي!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك - بنتنا الفاضلة - في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يملأ قلبك بالطمأنينة والسكينة والأمان.
أرجو أن تعلمي أن الفتاة بحاجة أن تكون قريبة من ربها، كثيرة السجود له، كثيرة التلاوة لكتاب الله عز وجل، وإذا حافظ الإنسان مع ذلك على أذكار الصباح والمساء فإن هذا هو الذي يبعث له السكينة، ويملأ نفسه بالطمأنينة، واعلمي أن الأنس بالله تبارك وتعالى فيه غنية عن كثير من هذه الدنيا، بل عن الدنيا من أولها إلى آخرها.
احرصي على أن تكوني مع الله تبارك وتعالى، وواظبي على صلاتك، وحافظي على أذكار الصباح مع المساء، وتجنبي الوحدة فإن الشيطان مع الواحد، وحاولي أن تكوني على تواصل مع أسرتك، واعلمي أن هذه الدنيا:
جبلت على كدر ونحن نريدها صفوا من الأقذاء والأكدار
ومكلف الأيام فوق طباعها متطلب في الماء جذوة نار.
المؤمنة لا تتأثر بظروف الحياة؛ لأنها توقن أن الأمر بيد الله، وأن الذي يأتي به الله تبارك وتعالى هو الخير، و(عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيرا له).
كوني مع الله تبارك وتعالى، وحاولي دائما أن تتواصلي مع الصالحات من زميلاتك، وكوني قريبة من عائلتك وأسرتك، وتجنبي التفكير في الأشياء المحرمة، ولا تحاولي أن تتواصلي مع أي شاب إلا إذا طرق الباب، وإلا إذا جاء بالطريق الحلال، وقابل أهلك الكرام، فإن الدخول لهذا العالم يجلب الأحزان ويجلب الآلام، بل يجلب غضب الله تبارك وتعالى.
لا يجوز للفتاة أن تفكر بالطريقة السلبية، ومثل هذه الأشياء التي تفكرين فيها، أن تبحثي عمن يكون معك، هذا لا يقبل من الناحية الشرعية، وسعدنا أنك ترفضين هذا لأنه حرام، لكن أرجو أن تطردي الفكرة من بدايتها.
لا تفكري طويلا في حالتك النفسية، وعمري نفسك – كما قلنا – بالإيمان، واعلمي أن التفكير والتحليل والنظر في الأمور والبكاء على الماضي ومحاولة عبور الجسر قبل الوصول إليه؛ كل هذه من الأشياء التي تتعب الإنسان، فالإنسان عليه أن يفعل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب.
تجنبي الوحدة، ولا تكثري من البكاء، ولكن كوني راضية بقضاء الله وقدره، واعلمي أن أهل الدنيا لا يمكن أن ينالوا الرضا فيها؛ لأن الدنيا تجعل صاحبها يلهث وراءها، والذي عنده الكثير من المال أو القليل لا يمكن أن يسعد إلا بذكره لله، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير) بل بين لنا أن الإنسان ينبغي أن يرضا بالقليل ويشكره.
هي القناعة فالزمها تعش ملكا ... لو لم يكن منك إلا راحة البدن
وانظر إلى مالك الدنيا بأجمعها ... هل راح منها بغير القطن والكفن
مما يعينك على الرضا بقضاء الله النظر إلى من هم أقل منك في العافية وفي المال وفي الولد، ونسأل الله أن يجعلنا ممن إذا أعطوا شكروا، وإذا ابتلوا صبروا، وإذا أذنبوا استغفروا.
هذا، وبالله التوفيق.