السؤال
السلام عليكم
بداية: بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيرا.
أنا متزوجة منذ سنة ونصف، ولدي طفلة، وزوجي طيب، وذو خلق وكريم، كان زواجنا تقليديا، ولم أتكلم معه طيلة الخطبة إلا مرة واحدة فلذلك لم أعرفه، وتزوجنا، ولم أشترط عليه أن أعمل على الرغم من أني كنت الأولى على دفعتي.
مشكلتي أني بعد الزواج، وخاصة بعد ولادة طفلتي أصبحت أشعر أني إنسانة بلا هدف، بلا قيمة، كل ما أفعله هو التنظيف والطبخ والعناية بالطفلة، أشعر أني فاشلة، لم أعد تلك الفتاة الطموحة، فقدت شغفي بالحياة ككل.
طرحت على زوجي فكرة العمل فرفض؛ فهو يرى أن المرأة واجبها العناية بالبيت والزوج، طرحت عليه أن نخرج سويا مرة في الأسبوع لربما أخرج من دائرة الروتين، فقال: إنه لا يملك الوقت.
صحيح أنه يعمل صباحا ومساء حتى لا ينقصني شيء، فهو كريم، لكني أرى أن قضاء وقت معا مهم لعلاقتنا.
المشكلة الأخرى أننا نختلف على أشياء كثيرة، فأنا أحب الأكل الصحي، واتباع نظام معين، وهو على العكس، أيضا هو اجتماعي، وأنا عكسه مما تسبب لي بمشاكل معه، خصوصا ما يتعلق بأهله، فمهما أفعل أشعر أنه لا يعجبه، أزور والديه كثيرا، أجلس معهم، أطبخ عند التقاء العائلة يوم الجمعة، ولكني أشعر أنه لا يعجبه، يرى أني يجب أن أراهم يوميا، ويرى ذلك واجبا.
أصبحت مؤخرا كئيبة وحزينة، وأبكي كل يوم، بالإضافة إلى أنه توجد مشاكل في بيت أهلي بسبب أخي وزوجته، وأرى أبي وأمي مقهورين وحزينين، وأنا عاجزة عن فعل شيء، فأنا في نهاية المطاف امراة لا يسعني أن أفعل ما يفعله الرجال، ربما هذا أثر علي كثيرا.
سامحوني على الإطالة، أنا طالبة نصحكم أثابكم الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فرح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به، وبعد:
أختنا الفاضلة: نتفهم حديثك، وندرك أن تلك المعاناة إن لم تتفهميها جيدا، وتحسني التعامل معها بحكمة وعقل؛ فإنها مفضية إلى ما ذكرته من اكتئاب وتعب نفسي، وربما أكثر من ذلك، نسأل الله أن يعافيك، لذا نرجو منك الاهتمام بما نقول لك جيدا:
منذ فترة طلبت منا أخت النصيحة في أمر زوجها، هو غني ودود، لكنه بخيل، هو لا يرد لها طلبا من حيث الأمور الحياتية، لكنه لا يعطيها بعض ما يكفيها ولا نصف، هو مهتم بأولاده جيدا بنفسه حتى لا يعطيهم دروسا إضافية، هو يعمل ساعات معدودة، ولا يخرج من البيت مطلقا.
قالت: أنا أتحمل كل شيء غير البخل وجلوسه الدائم في البيت، أصبت بمرض نفسي، وأنا أفكر في الطلاق، وأفكر في الأولاد وتطلب نصيحتنا.
قلنا لها أختنا: وهل تظنين أنه يوجد رجل بلا مشاكل؟ وهل تظنين أن كل الأحلام ستتحقق؟ الدنيا دار ابتلاء دار كدر، لابد أن نبتلى فيها فنصبر على ما فقدنا، ونصبر على ما رزقنا الله إياه، نتعايش مع المفقود، ونعظم الموجود.
قلنا لها -أختنا الكريمة-: كل مفقود عزيز، والإنسان -أختنا- دائما يبصر بل ويعظم ما فقد منه، ثم يأتيه الشيطان فيضخم المفقود حتى ما يبصر غيره، وتظل هذه أمام ناظريه حتى يفقد شغف الحياة كلها.
المهم أن الرسالة وصلت لها متأخرة، والمشكلة قد تفاقمت إلى أن وصل الأمر للطلاق، وراسلتنا تقول ما العمل؟ أريد العودة إلى زوجي وهو رافض، لقد تسرعت في موضوع الطلاق، نعم، وعنده إيجابيات لم أبصرها إلا اليوم ماذا أعمل؟!!
الآن وبعد أن هدم البيت تذكرت -أختنا- أن المشكلة كان يمكن أن نتجاوزها وأن نتعايش معها.
أختنا الكريمة: إننا لا نقول لك هذا الكلام للتقليل من رأيك، أو الحد من طموحك، أو الرضا بما كان وعدم التحسين! أبدا أختنا، إنما نقول هذا الكلام لأمرين :
1- حصول الاتزان النفسي عند حل المشاكل يؤمن خروجها عن السيطرة بنسبة كبيرة، وهذا لا يكون إلا بثلاثة أمور:
- ذكر المحاسن والمساوئ.
- تهوين المشاكل وتضخيم المحاسن.
- الإيمان بأن الدنيا دار ابتلاء، وليس أحد في الحياة كامل.
2- وضع خطة منهجية هدفها أمران:
- تغيير الواقع إلى الأحسن.
- تقليل الشر ما أمكن.
بهذا المنهج -أختنا- نتقدم وبثبات، وعليه فنصيحتنا لك ما يلي:
1- عظمي شأن زوجك في نفسك حتى يعظم على الحقيقة.
2- أكثري من مدحه والثناء عليه حتى يحب الحديث إليك، فإن الرجل أسير مدح.
3- ناقشي معه مسألة العمل في وقت تكون نفسه هادئة، على أن تضعي جوابا لكل ما يقلقه أو يؤرقه، مع وضع جملة هامة تبدئين بها الحديث ( أنا سعيدة معك والحمد لله، وما سأحدثك عنه إجابتك لي ستزيدني سعادة ورفضك إياه سأتفهمه، وسأعمل به، وإن كانت نفسي تواقة له).
هنا سيأخذ مكانته النفسية كما يريد، ثم أمني الحديث بأن يكون العمل مع النساء، وأن يكون في أوقات محدودة، أو أن يكون عن طريق الشبكة العنكبوتية (الانترنت)، المهم أوجدي حلولا لما يقلقه.
4- أحسني إلى أهله ما استطعت، واجعلي هذا حسبة بينك وبين الله، لا تطلبي شكرهم، ولا شكره، وانتظري العطاء من الله والأجر منه.
5- اجعلي لنفسك وردا من القراءة العامة التخصصية، ووردا من القرآن والأذكار، وابتعدي عن الفراغ قدر استطاعتك.
6- أكثري من الدعاء أن يرضيك الله عز وجل، وأن يختار لك الخير.
هذا -أختنا- هو الطريق الصحيح، وستجدين عند السير عليه تحسنا نفسيا كبيرا في حياتك.
نسأل الله لك التوفيق والسداد.