أحب زوجتي وتحبني لكنها لا تحسن التعامل معي عند الغضب!

0 38

السؤال

السلام عليكم

أنا شخص أحب زوجتي بشدة، ولكني أعاني معها في أثناء الخلاف، فهي حينما أواجهها بخطئها لا تحرك ساكنا، وترفض تماما الاعتراف، وحين الخلاف أغضب جدا، وهي لا تحرك ساكنا لإرضائي، مدعية عدم مقدرتها على التحدث معي وقتها بسبب الغضب الشديد.

أحاول التحكم بعصبيتي لعدم خروج الأمر عن السيطرة، ولكن دون جدوى! وأطلب منها طول الوقت التعامل معي بحب واهتمام، ولكن دون جدوى أيضا، فهي شخصية شحيحة جدا في مشاعرها، ولا أجد منها اهتماما يذكر بحالتي وغضبي!

هي ملتزمة دينيا جدا، وأشهد لها بحسن التربية، ولكني أحتاج للشعور بالاهتمام، ولو لوقت الغضب فقط لأهدأ.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وبعد:

إننا نحمد الله عز وجل أن رزقك هذه الزوجة الصالحة، والتي في مجموعها محل تقدير منك، ونسأل الله أن يديم عليك هذا الخير.
ولعلك تسأل لماذا قلنا ذلك ابتداء؟!

قلناه لأمرين هامين:

1- ليست هناك امرأة كاملة، كما أنه لا يوجد رجل معصوم، وتفهم هذه الحقيقة يجعل العاقل يراقب سلبيات من تزوجها بجوار إيجابياتها، ويحكم على المجموع لا على الجميع، فإذا كانت سلبياتها أقل فتلك والله نعمة من الله على الزوج.

2- الشيطان المتربص بكل بيت، والذي لا يريد إلا هدمه فوق رؤوس أهله يعمد إلى تضخيم السلبيات حتى كأنها كالجبال في الوقت الذي يضخم فيه إيجابيات كل فرد في نفسه، ويهون سلبياته، وهذه آفة أكثر البيوت -أخي الكريم- ينظر بتضخيم إلى ما يبذل وبتهويل إلى خطأ من تزوج، والطرف الآخر كذلك ينظر إليه، وعدم تفهم هذه النقطة يعمق الهوة بين الطرفين.

أخي الكريم: من ظاهر حديثك أن أكثر المشكلة معك لا مع زوجتك، ونعني بالمشكلة هنا فقدك فن إداة الخلاف، ونرى أن تحكمك في غضبك، وشعور الزوجة بالأمان لو تحدثت إليك سيزيل الكثير من المشاكل، وسيجلب الاهتمام المفتقد لديك؛ لأن الحوار وسيلة آمنة لما تريده من زوجتك، وشعورها بالأمان من غضبك أهم وسيلة للاستقرار في البيت؛ لذا دعنا نعالج المشكلة الرئيسة وهي التحكم في الغضب وإدارة العصبية القائمة.

أخي الكريم: دعنا نقول ابتداء أن العصبية قد تكون سمة من سمات الشخصية، أي هو بطبيعته كذلك، وقد تكون طارئة عليه لحدوث أمر ما غير متوقع، وهذا يحتاج منك إلى عدة أمور حتى تسيطر عليه:

1- معرفة أسباب العصبية والطريق الذي سيقود إليه مع الإجابة على هذين السؤالين:( لماذا أنا غاضب هكذا؟ وهل يستحق حقا ما حدث من هذا الغضب)؟

2- ما حدث قد حدث والعاقل هو من يستفيد مما حدث حتى لا يتكرر، أو لا يكون بتلك الحدة؛ هذه ينبغي أن تكون قناعة عندك لمعالجة مشاكلك، فالغضب لن يعيد مكسورا ولا يرجع فائتا.

3- تفهم لماذا حدث؟ وهذا يقتضى منك الاستماع إليها -في غير هذا الوقت- لفهم علة فعلها ذلك، فقد تكون غير متفهمة لحديثك أو غير مقتنعة به فالحوار ساعتها يجلب لك مفقودك.

عند الغضب نرجو منك ما يلي:

1- عدم النقاش فيما غضبت لأجله، وترك المكان إن لم تستطع السيطرة على نفسك.

2- لزوم الاستعاذة بالله عز وجل من الشيطان، قال الله: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم}. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى رجلا قد غضب حتى احمر وجهه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إني أعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد؛ لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم).

3- اتباع الهدي النبوي في علاج الغضب، ومن ذلك: الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم عند حصول الغضب، وكذلك كظم غيظك -ويمكنك معرفة فضله والقراءة حوله- ومنها تغيير الوضع المتحفز للانتصار، فإذا كنت قائما فاجلس، فإن ذهب عنك ذلك فحسن، وإلا فلتأخذ وضعا آخر، يهيئك للراحة والهدوء كأن تضطجع، وهذا الذي أومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد في المسند، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإذا ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع).

من ذلك الوضوء، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ)، ومن ذلك مقاومة النفس ومصارعتها؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: (ليس الشديد بالصرعة، وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) والحديث متفق عليه. وأخرج مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما تعدون الصرعة فيكم؟ – أي الرجل الذي يصرع الناس – قلنا: الرجل الذي لا تصرعه الرجال، قال: ليس ذلك ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب).

4- كثرة الدعاء لله عز وجل، كما أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة، فقال لها: (يا عويش، قولي: اللهم رب النبي محمد اغفر لي ذنبي، وأذهب غيظ قلبي، وأجرني من مضلات الفتن).

5- إخبار الزوجة بعد الاستعاذة وتحكمك في غضبك بأن ما فعلته أزعجك، وأنك تود نقاشه معها بعد أقرب صلاة لك في اليوم، المهم أن تكون في نفس اليوم لكن بعد صلاة، فإذا كان الشجار العصر فالحديث بعد المغرب، وإذا كان العشاء فالحديث بعد الوتر، وإذا كان الفجر فالحديث بعد الظهر أو العصر.

6- اطلب منها أن تتحدث لماذا فعلت ذلك؟ واطلب منها أن تحدد الوقت اللازم لشرح وجهة نظرها، وأثناء حديثها حاول أن تتفهم وجهتها، لا أن تتصيد أخطاءها.

7- ابدأ المعاتبة معها بالثناء عليها، وعلى تفكيرها، ولو قالت أمورا إيجابية اذكرها وعددها لها، هذا سيجعلها تستمع إليك كموجه وليس كند، وسيجعلها تتلقى كلامك بأريحية وليس بجدال، المهم أن يكون المدح مفصلا، والذم مجملا.

8- الاتفاق على نقطة التقاء في المشكلة المراد الحديث حولها، وتنازلك عن بعض الفرعيات لا يقلل من كمال رجولتك، بل هذا من تمام عقل المرء.

بهذا الثمانية -أخي- تستطيع أن تغير دفة الأسرة إلى ما تحبه أنت وترجوه.

نسأل الله أن يوفقك وأن يسعدك، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات