كيف أخرج من حالة اليأس التي حلت بي بسبب عائلتي؟

0 37

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا بعمر 38 سنة، نشأت في تربية قاسية، من أب لا يفقه شيئا عن التربية السليمة، ولم أسامحه لأنه أوصلني لهذا الحال الذي أنا عليه الآن، وأصبحت يائسا، ولا أحد يحترمني، سواء كان كبيرا أو صغيرا، لأني ضعيف الشخصية.

حاولت إصلاح نفسي ولكن دون فائدة، وعندما تزوجت الزواج لم يستمر طويلا، وكانت شخصية زوجتي قوية، وكانت سليطة اللسان، وكانت حياتنا جحيما، وعندما تدخل الأهل لحل المشاكل حصل الطلاق، والوالد لا يعرف حل المشاكل نهائيا، كل شيء عنده خصام فقط، دون حلول.

المهم ذهبت لكثير من الأطباء النفسيين، وتناولت العديد من العقاقير، وحصل تحسن ضعيف، مع أني كنت ضد أخذ أي علاج خوفا من متاهة الأدوية، وفعلا استمررت أكثر من عشر سنين في العلاج، وتم وقف العلاج منذ أكثر من ثمانية شهور.

حاليا زرت اثنين من الأطباء، واحد منهم صرف لي باروكستين، وسيكولانز، والآخر صرف لي افكسور 150، وأنا متردد في أخذ أي علاج، لأني ما صدقت أن أخرج من هذه الدوامة، لأنها سببت لي في البداية عند سحبها أفكارا ذهانية، وأرقا مزمنا، وضعف شهية.

أرجوكم ساعدوني، ما ذا أعمل؟ علما بأني أعاني من تلعثم شديد جدا، ورهاب اجتماعي شديد، وأعراض وسواس قهري، وحاليا بدون عمل، وتم عمل العديد من المقابلات الوظيفية، وأفشل بسبب عدم لباقتي في الكلام، والكل يسخر مني، ويقول لي: أنت لا تعرف تتكلم، وأنا غير مسامح أي أحد أساء لي، وخصوصا عائلتي الظالمة، والله إن حياتي جحيم، وصرت أتمنى الموت في كل لحظة، لكي أرتاح من هذا الجحيم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Nono حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب.. وأنت لديك -يا أخي- استشارات سابقة، وقمنا بتوجيه النصائح اللازمة لك، وأرجو أن تكون قد أخذت بما ذكرناه لك سلفا، والآن -يا أخي- من خلال استشارتك هذه والتي كتبتها بوضوح شديد، وأشكرك على ذلك، الذي استنتجته أن شعورك سلبي جدا نحو أسرتك، خاصة والدك، فقد سبب لك ضغطا كبيرا.

هذا يسبب ضغطا وحملا نفسيا كبيرا وشديدا، وأعتقد أن هذا هو أحد أسباب حالة عسر المزاج الشديد التي لديك، فلا تحمل على أسرتك، لا تحمل على والدك، لا تجعل كلمة (لن أسامح) شعارك، هذا ليس بصحيح، ولن تجني منه فائدة، بل على العكس سيسبب لك إشكالات وجروحا نفسية كثيرة، فكن مسامحا، وأنا على ثقة تامة أن والدك لم يقصد إيذاءك، حب الآباء والأمهات لأبنائهم وبناتهم هو حب فطري وجبلي وغريزي، ولا شك في ذلك -يا أخي الكريم- لكن طبعا أنا أتفق معك أنه في بعض الأحيان، المنهجية التي يتبعها الأب أو الأم في التربية قد تكون عنيفة، وليست صحيحة.

أخي الكريم، يجب أن تغلق هذا الباب، باب الشعور السلبي وباب عدم المسامحة، لا، هذا لن يفيدك أبدا، بل على العكس أنا أرى أنه هو السبب في استمرارية أعراضك السلبية هذه، وليس من البر أبدا أن تحمل على والدك، وتجعل الحقد مهيمنا ومسيطرا عليك.

أخي الكريم، التعامل مع الناس دائما يكون من خلال أن تقبلهم كما هم لا كما تريد، أرجو أن تأخذ هذا المفهوم الجميل، وهذا ليس أمرا سلبيا، كما نشكل نحن إشكالات لكثير من الناس حسب وجهة نظرهم، فإذا شكل الناس لدينا إشكالات يجب أن نجد لهم العذر، هذا أمر مهم جدا، الصفاء في التعامل مع الآخر أمر مهم.

أخي، يجب أيضا أن تنقل نفسك لمرحلة أن تعامل الناس كما تحب أن يعاملوك، هذا أيضا مبدأ سليم جدا، أنت تحب أن يعاملك الناس بمودة وتقدير واحترام، فأنت يجب أن تعاملهم على نفس هذه الشاكلة.

هناك أصول ضرورية في الحياة، أصول ضرورية لأن يرتقي الإنسان بنفسه، فأرجو أن تجتهد أكثر لتقوم بإعمال فكري إيجابي كبير، وتغيير هذه المفاهيم، هذه نصيحتي لك، وأنا أعتبرها ركيزة أساسية لعلاجك، وليس الأدوية، الأدوية تساعد، نعم، لكن تغيير هذه المفاهيم -من وجهة نظري- سيساعدك كثيرا.

الأمر الآخر -يا أخي- أن تجعل نمط حياتك إيجابيا، لا بد أن تقوم بواجباتك الاجتماعية، لا تتخلف عن واجب اجتماعي، إذا دعيت لفرح أو عرس يجب أن تذهب، أن تزور أصدقاءك، أن تصل أرحامك، أن تزور المرضى، أن تمشي في الجنائز، أن تجلس مع أصدقائك في مكان مناسب مثلا، أن تصلي مع الجماعة، أن تتعرف على المصلين في المسجد، أن تحضر حلقات القرآن الكريم والعلم النافع.

بهذه الكيفية -يا أخي- تكون قد عالجت نفسك علاجا سلوكيا رصينا، ويأتيك -إن شاء الله- بخيري الدنيا والآخرة، هذا منهج علاجي مهم جدا.

الأمر الآخر: هو أن تكون لك أهداف، ضع أهدافا الآن، ولا تعش في ضعف الماضي، عش في قوة الحاضر، الحاضر دائما أقوى، لأن الحاضر نتحكم فيه، الحاضر نفصله كما نريد وكما نشاء، أما الماضي فلا يمكن، دائما الماضي أضعف، هذا مفهوم سلوكي عظيم، والحاضر دائما هو الأقوى، انطلق انطلاقات جديدة، لا تيأس في موضوع البحث عن العمل، ابحث عن عمل، كن شخصا مفيدا لنفسك وللآخرين، اهتم بغذائك، اهتم بممارسة الرياضة، كما ذكرت لك اهتم بالتواصل الاجتماعي، هذه هي الأسس العلاجية التي ستفيدك وتطورك، وليس الأدوية فقط.

أما بالنسبة للدواء فأنا أعتقد أن عقار أفيكسر لوحده يكفيك تماما، دواء ممتاز فاعل، ابدأ بـ 75 مليجراما، وليس 150 مليجراما، 75 مليجراما يوميا لمدة 10 أيام، بعد ذلك اجعلها 150 مليجراما يوميا لمدة شهرا، ثم اجعلها 225 مليجراما يوميا كجرعة علاجية سليمة وصحيحة، واستمر على هذه الجرعة، وتواصل مع طبيبك، أو إذا أردت التواصل معنا فليس هنالك ما يمنع من ذلك، ابدا -أخي الكريم- ويمكنك أيضا أن تتناول عقار رسبيريدون بجرعة 1 مليجرام ليلا، هذا عقار ممتاز داعم للإفيكسر فيما يتعلق بعلاج الخوف والوسوسة والرهاب.

أما بالنسبة لكونك غير لبق في الكلام، اللباقة في الكلام تأتي من خلال التواصل الاجتماعي، من خلال القراءة، من خلال الاطلاع، من خلال تلاوة القرآن والتدبر فيه، المعارف تكتسب، لا تأتي من فراغ أبدا، فأرجو أن تحرص على ذلك، ويا أخي لا تتمن الموت، المؤمن لا يتمنى الموت، الموت قادم ولا شك في ذلك، (إنك ميت وإنهم ميتون) والإنسان يجب أن يعيش الحياة بأمل ورجاء وسعادة، ويعمل لآخرته، ويسأل الله تعالى حسن الخاتمة، أنت لست في جحيم، أنت لديك احتقانات نفسية سلبية، وذلك نسبة لتفكيرك السلبي جدا عن أسرتك الكريمة.

بارك الله فيك يا أخي، ونشكرك كثيرا، ونسأل الله لك الفائدة والشفاء والعافية، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات