الصوت الجهوري بالقرآن.. ومعنى ذلك!

0 50

السؤال

السلام عليكم
بدأت بتعلم التجويد، وأدعو الله أن يثبتني ويكرمني بقراءة القرآن كما قرأها رسولنا الكريم، وأن يكرمني بحفظه.

سؤالي لحضراتكم: لقد أعطتني معلمتي ملاحظة، وأظهرت لي الثناء عندها، وقالت إن لدي صوتا جهوريا في قراءة القرآن، ودعت الله أن يجعلني ممن يعملون به ويتلونه حق تلاوته.

ما معنى الصوت الجهوري للأنثى؟ وهل هو شيء حسن أم لا؟

بوركتم وحفظكم الله من كل شر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جنة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.

أختي الفاضلة: هنيئا لك سلوك طريق القرآن حفظا وتجويدا وتعلما؛ فهذا خير المسالك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) ونسأل الله أن يثبتك على هذا الخير، ويتم عليك نعمة حفظ القرآن والعمل به والتأدب بآدابه.

أختي الفاضل، للصوت بشكل عام طبقات يعرفها أهل هذا الفن، وتحديدا المختصون في المقامات الصوتية، فمن أبرز طبقات الصوت، الطبيعي، القرار، الجواب، جواب الجواب وغيره، ولهذه المقامات أنواع مختلفة من الأصوات، فهناك الصوت " الشجي، والرخيم، والمنكسر، والأبح، والناشز، إلخ" ومن أنواع الأصوات "الجهوري".

فالصوت الجهوري جاء في المعجم الوسيط " جهوري بسكون الهاء: هو رجل جهوري الصوت، أي رفع الصوت بالقول، وفي لسان العرب": ورجل جهير الصوت أي عالي الصوت ".

والصوت الجهوري هو الصوت القوي الواضح في مداخل الكلمات ومخارجها، ويتسم بصفاء الطبقة مع قوتها ووضوحها؛ لذلك يستخدم في التعليق الصوتي، وتلاوة البيانات المهمة والرسمية، ورفع الأذان قديما، وممن اشتهر بهذا الصوت العباس -رضي الله عنه- عم النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد كان جهوري الصوت، وأيضا خطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصحابي الجليل ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري -رضي الله عنه- فقد كان جهير الصوت، خطيبا بليغا، وفيه نزل قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض...).

أختي الفاضلة: الصوت الجهوري في القرآن من محاسن الأصوات -خصوصا في التلاوة- لوضوح مخارجه وقوته، فإن كان حسن النغمة فقد جمع قوة الصوت مع التغني الجميل بالقرآن، وهو خير على خير، وقد حثنا النبي على الحرص على تحسين الصوت بالقرآن، فقال صلى الله عليه وسلم: (حسنوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا)، ومن النماذج الممكن أن ترجعي إليها لمعرفة الصوت الجهوري الجميل إمام المسجد الأقصى الشيخ محمد رشاد الشريف رحمه الله تعالى.

والصوت الجهوري ممدوح بشكل عام إذا كان في موضعه الذي يحتاج إليه، ويكون مذموما في المواضع التي لا يحتاج إليها، فمن الآداب الإسلامية التي حثنا عليها الإسلام، أن لا يرفع المسلم صوته ما لم يحتج لذلك، يقول تعالى (واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير)، وقال تعالى: (إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولٰئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوىٰ ۚ لهم مغفرة وأجر عظيم).

وجهورية الصوت نوعان: مكتسبة بالتدريب والممارسة، ونوع ثان من أصل خلقة الإنسان، فالنوع الأول المكتسب يقدر صاحبه أن يتحكم في صوته عند الاحتياج لذلك، أما النوع الثاني فينبغي أن يجتهد في غض صوته في المواضع التي لا يحتاج فيها لرفع الصوت، حتى لا يظنه الناس يسيء الأدب، أو لا يوقر أصحاب العلم والفضل كالوالدين ونحوهم.

كذلك ينبغي -أختي الفاضلة- أن نشير إلى خصوصية الصوت الجهوري عند المرأة تحديدا، فإذا كانت المرأة ذات صوت جهوري بالقرآن فقد يصاحبه ترقيق أو تنغيم فيكون مظنة أن يسمعه الآخرون فيطمع الذي في قلبه مرض، قال تعالى: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا)؛ لذلك ينبغي أن تحرصي -أختي الفاضلة- إن كان صوتك جهوريا بالقرآن أن تكوني في مواضع بعيدة عن سماع الرجال قدر استطاعتك، كما تحرصين على تدريب نفسك على التحكم بالصوت في المواضع التي لا تحتاجين لرفع الصوت فيها، وهو أمر يسير يمكن بالتدريب والممارسة أن تحققي هذا الأمر.

نسأل الله أن يوفقك للخير ويعينك عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات