السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
زوجي يمنعني من الذهاب إلى حلقات القرآن رغم التزامي بها سابقا قبل الزواج، والله إنني لا أريد الخروج إلا لذلك، ولكنه يشكك في نيتي ويقول: "وقرن في بيوتكن"، رغم طاعتي له في كل شيء ولكن أشعر بحمل ثقيل بمنعي من هذا الخير العظيم، هل تعلم كلام الله يعد جريمة؟ والله لا أسامحه أبدا، هو دين -الحمد لله- وملتزم بدينه، ولكني أفكر بالانفصال في أقرب وقت، فهل علي ذنب؟
ولأنني أعلم بنفسي الأمارة بالسوء لو حفظت لوحدي ن ألتزم، وجربت طرقا أخرى مثل: أنني أتابع على الإنترنت ولكنني لم ألتزم، ولم أشعر بلذة مجالس القرآن.
أفيدوني فقد ضاقت بي كل الحيل، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.
شكر الله لك حرصك على تعلم كتاب الله تعالى، وهذا والله نعيم قذفه الله في قلبك، وفضل قد استقر في نفسك، ولكن عندنا سؤال -أيتها الكريمة-: لماذا تريدين حفظ كتاب الله تعالى؟
الجواب: لأجل مرضاة الله تعالى.
هل هناك أي غرض آخر غير مرضاة الله؟
الجواب: بالطبع لا.
- هذا ما نظنه جوابا على سؤاليك، فإن كنا قد أصبنا فالحمد لله، وإن كانت الأخرى فجددي النية أختنا واجعليها لله.
إن مرضاة الله -أختنا- هي غاية مراد الصالحين، ونحن نبشرك بأن طلب مرضاته في طاعة زوجك بالمعروف، واستمعي معنا إلى تلك النصوص من الكتاب والسنة ثم سنخبرك ماذا تفعلين:
قال الله: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم).
وقال سبحانه: (ولهن مثل الذي عليهم بالمعروف وللرجال عليهن درجة).
وروى أحمد وابن حبان عن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت)، وفي رواية قيل لها: (أدخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت).
وعن حصين بن محصن قال: حدثتني عمتي قالت: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في بعض حاجة. فقال: (أي هذه، أذات بعل أنت؟)
قالت: نعم.
قال: "كيف أنت له؟"
قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه.
قال: "فأين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك".
وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه)، رواه البخاري.
وعن عبد الله بن أبي أوفى قال: لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي -صلى الله عليه وسلم-، قال ما هذا يا معاذ؟ قال أتيت الشام فوافقتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم، فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (فلا تفعلوا فإني لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها ولو سألها نفسها وهي على قتب (الرحل الصغير يوضع على البعير) لم تمنعه) والحديث صححه الألباني في صحيح ابن ماجة .
وعليه -أختنا- فطاعة الزوج هنا مقدمة؛ لأن حفظ كتاب الله ليس واجبا عليك، وطاعة الزوج واجبة، ولا نقول لك: توقفي عن قراءة القرآن أو تعلمه أو حفظه -معاذ الله!-، ولكن ندلك بعد قليل على طريقة للجمع بين الأمرين.
ولكن انتبهي إلى نقطة هامة: زوجك متدين ويحبك، ومع ذلك عظم الشيطان فيك الرغبة في أمر هو من النوافل، حتى يضيع عليك الواجبات، وحتى يفسد عليك حياتك!
وهل الشيطان يحببنا في كتاب الله؟!
الشيطان- أختنا- له طرق متعددة حصرها أهل العلم في سبع طرق رئيسة متدرجة، يعني يبدأ بالأول فإن عجز يرحل إلى الثاني وهكذا، وأول هذه الطرق الشرك ثم البدعة ثم الكبائر ثم الصغائر إلى أن نصل إلى آخر مرحلة وهي: انشغالك بالمفضول عن الفاضل، يرغبك في قيام الليل حتى يفسد عليك صلاة الفجر، يرغبك في الخروج وحفظ كتاب الله حتى يفسد عليك حياتك الزوجية، فانتبهي -أختنا- لذلك.
إننا ننصحك بما يلي:
1- الاجتهاد في معرفة أسباب منعه لك دون تحد أو معاندة.
2- إن كانت غيرة فيمكنك اقتراح أن تذهبي مع إحدى أخواته أو أخواتك لإزالة تلك الغيرة.
3- إن كان لسبب آخر فاجتهدي أن تزيليه إن استطعت.
4- اجتهدي في التودد له وإعلامه بأن هذا يصلح الله به قلبك، واعرضي عليه عدة حلول.
إن فعلت ذلك وأبى فلا حرج ولا يجب أن ينعكس سلبا على حياتك فهذا حقه وهو زوجك، ويمكنك بعد ذلك معالجة طريقة الحفظ والتعلم من البيت، حتى لو كان متعبا قليلا، أو الهمة فيه ضعيفة فيمكنك تنشيطها، خاصة إذا طلبت أن يعينك على ذلك وأن يسمع هو لك.
- كما أن هناك مواقع إسلامية يقوم عليها محفظات يمكنك بعد استئذانه الدخول معهن، وكأنك في جلسة من تلك الجلسات الإيمانية.
هذا هو الطريق الذي يرضي مولاك عليك، فاستعيذي بالله -أختنا- من الحديث عن الفراق حتى لو بينك وبين نفسك، وأحسني إلى زوجك، واعلمي أن هذا من أفضل القربات بعد الفرائض.
نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، والله الموفق.