أسباب عدم القدرة على ربط المعلومات وعلاجها

0 446

السؤال

أستنجدكم بعد الله تعالى أن تنقذوني من هذه المصيبة التي كانت غير متوقعة أن تحصل لي!

أعاني من عدم القدرة على ربط المعلومات التي أتلقاها من الآخرين، مما يؤدي إلى عدم فهمي للموضوع، سواء في البيت أم في العمل، وأركز على العمل هنا! حيث سببت لي تلك المصيبة الكثير والكثير من المشاكل، فعلى سبيل المثال، عندما تسرد لي معلومة أو حكاية، والأهم من ذلك عندما أتلقى أوامر في العمل بتنفيذ مهام معينة، فإني سرعان ما أنسى ما قد طلب مني، وذلك لأنني أثناء تلقي تلك الأوامر لا أستطيع التركيز، وإن حاولت التركيز فإني أستوعب كل كلمة على حدة، دون مقدرتي على ربطها لكي يتم عملية الفهم.

وأيضا بجانب عدم التركيز فإنني أشعر بأن دماغي لا يريد أن يتلقى أي معلومات، والدليل على ذلك بأنني أشعر بإجهاد بعد أن أبذل كل وسعي لكي أركز.

لا تدري يا دكتور كم أعاني، معاناة لا أول ولا آخر لها، فكم سببت لي تلك المشكلة من إحراجات في محيط عائلتي وزملائي في العمل، وكم جعلتني أنتقل من عمل إلى آخر، حتى أخرج نفسي من دائرة الإحراج، لدرجة أن البعض أعتقدوني غبية ولا أفهم، وهذا يشعرني بالظلم الأليم! لأني أعرف بأنني غير ذلك.

في داخلي طاقات وحماس كبير تجاه العمل والقدرة على الإبداع والابتكار، وحلم بأن أدير شركة ما في المستقبل، ولكن أين أنا وأين تلك الأحلام؟

تلك المشكلة سببت لي الكثير من المشاكل النفسية من اكتئاب وغضب على كل شيء، مع عدم الثقة بالنفس، ونظرة دونية تجاه نفسي، وعدم القدرة على تكوين أصدقاء، والانخراط في المجتمع والرغبة في اعتزال معترك الحياة، حتى أنه سبب لي الغيرة الشديدة تجاه أي شخص وفقه الله تعالى في الحياة العلمية والعملية.

ولا أخفي عنك أنني فكرت كثيرا في الانتحار! وأعرف أن ذلك حرام، ولكن ماذا أفعل؟ كيف أتخلص من هذه المصيبة؟ أعرف أن السبيل الوحيد هو اللجوء إلى الله تعالى؛ لأنه القادر على كل شيء، ولكن ليس هناك ما يمنعني من أن أراسلكم عسى أن يكون مساعدتكم لي هو من عند الله تعالى.

قبل أربعة أشهر قمت بمراجعة دكتور في علم الأعصاب، ولكنه طلب مني أن أفحص الدم والدماغ، ولكن العملية مكلفة جدا.

إنني الآن أقف على حافة جبل شاهق، وممكن أن أقع في أي لحظة! أشعر بالحزن والأسى والألم بسبب هذا الموضوع.

أتوسل إليك أن تساعدني حتى لو اضطررت أن آتي عندك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فوزية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمن أكبر أسباب عدم القدرة على ربط المعلومات والتركيز هو القلق النفسي، والذي ربما يكون مصحوبا بنوع من الإحباط أو عسر المزاج، والقلق النفسي ليس من الضروري أن يكون واضح المعالم أو في شكل أعراض واضحة؛ فالقلق كثيرا ما يكون مقنعا وداخليا، وهو دليل على احتقانات نفسية داخلية، فهو يشتت التفكير ويقلل من مقدرة الإنسان على الاستيعاب.

الذي أرجوه منك هو أولا: أن تثقي في مقدراتك، هذا شيء مهم جدا، فالإنسان إذا اهتزت ثقته في نفسه وفي مقدراته؛ فهذا بالتأكيد يؤدي إلى مزيد من الإحباط واليأس وضعف التركيز والمقدرات.

ثانيا: عليك بأخذ القسط الكافي من الراحة، خاصة النوم، وعليك أن تديري وقتك بصورة سليمة، خذي القسط الكافي من النوم، وعليك أيضا بممارسة الرياضة، ويا حبذا لو صحبت ذلك أيضا بتمارين استرخاء؛ لأنها إن شاء الله فيها فائدة كثيرة لإنعاش الذاكرة والحيوية في الإنسان.

ثالثا: المقترح الذي اقترحه طبيب الأعصاب بأن تقومي بإجراء بعض الفحوصات لا بأس به، أنا أقدر أن التكلفة قد تكون باهظة، ولكن ربما تقومين بإجراء الفحوصات الأولية جدا، مثل فحص الدم العام وكذلك وظائف الغدة الدرقية، وهذه ليست مكلفة بالطبع، ربما تكون صورة الدماغ هي المكلفة ويمكن التجاوز عن ذلك إذا لم تكن هنالك الإمكانية المالية لذلك.
فحص الغدة مهم؛ لأنه في بعض حالات اضطراب الغدة وضعف إفرازها أو زيادتها، ربما يؤدي إلى ضعف في التركيز لدى الإنسان، فأرجو التأكد من ذلك، وهو ليس أمر بالصعب.

رابعا: أرى أن الأدوية المضادة للقلق والاكتئاب والتوتر سوف تساعدك إن شاء الله كثيرا، الدواء الذي أوصي به هو العقار الذي يعرف باسم (فافرين Faverin)، أرجو أن تبدأي بجرعة 50 مليجرام ليلا بعد الأكل، ثم بعد أسبوعين ترفع هذه الجرعة إلى 100 مليجرام ليلا، وتستمري عليها لمدة خمسة أشهر، ثم تخفض إلى 50 مليجرام ليلا لمدة شهر، ثم يمكنك بعد ذلك التوقف عن تناول هذا الدواء، ولكن كما ذكرت هو مفيد وفعال خاصة لعلاج القلق والتوتر الداخلي، ومن ثم إن شاء الله يؤدي إلى تحسين الذاكرة.

هنالك أمور أيضا لابد أن تقومي بها، وهي أن تقرئي مواضيع قصيرة وبتركيز، اقرئي الموضوع أكثر من مرة ثم حاولي استذكاره واسترجاعه، هذا إن شاء الله يحسن أيضا من الذاكرة.

تعلمي أيضا أن تفكري في أمر واحد أو موضوع واحد في وقت واحد، أي لا تعطي الفرصة للأفكار أن تتداخل. هذا أيضا مهم جدا.

من الأشياء المهمة أيضا: على الإنسان أن يعرف أسبقيات التفكير، هنالك مواضيع لابد أن نركز عليها، وهنالك مواضيع ليس من الضروري أن نركز عليها، إذن لا تضعي نفسك في موضع الإنسان الذي يريد أن يركز على كل شيء؛ هذا مستحيل، حددي بعض الأسبقيات وأعطي أهمية أكثر للمواضيع المهمة، وسوف تجدين إن شاء الله أن استيعابك قد أصبح أفضل.

لا شك أن التوكل على الله واللجوء إليه والالتزام بالعبادات يؤدي إلى طمأنينة كبيرة في القلوب، والطمأنينة حقيقة هي طاقة فعالة لتحسين التركيز والقدرة على الاستيعاب بصورة أفضل.

لا مانع أيضا من أن تقومي بقراءة بعض المواضيع أو ارتجالها وتسجيلها ثم بعد ذلك الاستماع إلى ما قمت بتسجيله، هذا إن شاء الله سوف يعطيك ثقة أكثر في ترابط الكلام وإخراجه بالصورة الصحيحة، ومحاولة تصحيح أي هفوات أو أخطاء في التخاطب.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات