السؤال
السلام عليكم
متزوجة، وأعاني من مشاكل مع زوجي، مع أني ذات مكانة، وقوة شخصية، لكني دائما أتجنب رد الإساءة بالإساءة، فأصبح يتمادى أكثر وأكثر، جحود، نكران، ظلم، استحقار حتى ضربني أول مرة وثانية وثالثة، فأصبحت أرد إساءته اللفظية بمقدارها، وأصبح يتكلم بحقي بألفاظ أكبر وأكبر، ثم بدل أن أحط من قدري وأتلفظ بألفاظه أحاول مسك نفسي، ولكن من كثرة جوره وظلمه أصبحت أدعو عليه.
كان يسيء لي وأتجنبه، ويلاحقني، وأتوضأ وأصلي، ويقف خلفي ولا يسكت، أبكي على سجادتي ويستمر بالصراخ، ويعايرني ببكائي وضعفي، قسا قلبي، وأردت الطلاق، وذهبت للعمرة ورجعت، بعدها حاول أن يحسن نفسه معي، ومنذ يومين حصل خلاف وصار يشتمني ويدعو علي.
دعوت عليه فضربني فدعوت بشلل يده، وأن يسلط الله عليه ظالما بظلمه لي يهينه بين الناس، رفعت يدي للدعاء وزال همي وبرد قلبي قبل أن أنزل يدي، يومها جاء أهلي لزيارة ابني الذي مرض فلم يتكلم معهم بكلمة، جلس مكفهر الوجه لا ينظر لوجه أحد منهم، وهم من أعانوه على الدهر بفضل الله ونعمه، وأنا اعطيته كل ما أملك، حتى أني لم آخذ مهري.
أنا متزوجة منذ 14عاما، ولي ديون لا يسددها لي، ماذا أفعل؟ هل أنا جائرة بدعائي عليه؟ علما بأنه لا يكلمني، ويتجاهلني، ويذهب صباحا ويعود ليلا للنوم في الصالة.
هل أتجاهله وأترك الأمور على حالها؟ لا أريد الحديث وسؤال أحد من الخلق، بل أردت رأي أهل الدين والعلم، لا أريد أن أظلم، ولكني لا أقدر على الصفح، لكن كل ما يرضي الله يرضيني، وأعلم أن الله لا يرضى بالظلم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Aya حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك وأن يعفو عنك، وأن يصلح حال زوجك، إن ربنا جواد كريم، وبعد:
نتفهم تماما حديثك وألمك، وندرك المعاناة التي بين أسطر حديثك، ونحمد الله على آخر جملة ذكرتيها في رسالتك: كل ما يرضي الله يرضيني وأعلم أن الله لا يرضى بالظلم.
أنهيت حديثك بأن ما يرضي الله يرضيك، وتبحثين عن حكم الشرع وقول الدين، فهذا دال على أنك على خير، أختنا الكريمة، ونسأل الله أن يثبتك على الحق.
أما عن الظلم فاعلمي -بارك الله فيك- أن الإسلام شرع لك الانتصار للنفس عند وقوع الظلم عليك من دون اعتداء أو تجاوز قال الله تعالى: {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل} فإن فعل بلا تعد أو تجاوز فلا وزر عليه، ولكن إن صبر وعفا فقد وقع على الله أجره، وهذه نعمة لا يدرك فضلها كل الناس، ولا ينال أجرها إلا أهل التقوى، كما قال تعالى: (فمن عفا وأصلح فأجره على الله) {الشورى:40}، وقال: (وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم) {النــور:22}، وقال تعالى: (ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور) {الشورى:43}، وقال تعالى: (ولئن صبرتم لهو خير للصابرين) {النحل:126}، وقال تعالى: ( وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم) {التغابن:14}.
ثم إن هذه الطريقة فيها من الفوائد ما ليس فيه غيرها، ومن تلك الفوائد:
1- رجاء صلاح الآخر، وصلاحه أولى من هلاكه.
2- احتساب الأجر العظيم من عند الله.
3- البعد عن التصعيد والذي قد يكون ملازما لكل حركة مضادة منك تجاهه.
4- ثم هو وسيلة لإصلاحه كما قال الله تعالى: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم* وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) {فصلت:34-35}.
5- إن الله سيكون معك وناصرك ومؤيدك بعونه ما دمت على الحق، ففي صحيح مسلم أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: (لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك)، وفي صحيح مسلم أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله).
6- جائزة أخرى مدخرة، ففي سنن ابن ماجه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كظم غيظه وهو يقدر على أن ينتصر دعاه الله تبارك وتعالى على رؤوس الخلائق حتى يخيره في حور العين أيتهن شاء)، وحسنه الألباني.
عليه -أختنا- فأنت مخيرة بين الانتصار للنفس دون اعتداء، أو الصبر عليه والعفو، رجاء ما عند الله من خير، ويمكنك أن تجمعي بين الأمرين، بأن تقولي: حسبي الله ونعم الوكيل، فهذا يعني أنك رفعت الأمر لله، والله يقضي لك الخير .
نوصيك بأن تدخلي بعضا من أهل الدين والصلاح ليسمعوا منه ومنك، فربما وجدتم طريقا وسطا تلتقون فيه، وقد تكون هذه بداية صحية جديدة، لا سيما ونحن في أيام مباركة، نسأل الله أن يصلح حالكم وأن يصرف عنكم كل شر، والله الموفق.