السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أفيدوني بارك الله فيكم.
أنا شاب عمري 19 سنة، وأدرس في الجامعة، وأعمل مع والدي في أيام العطلة، والدي وعدني بتزويجي لكني في حيرة من أمري بمن أتزوج؟ سمعت كثيرا عن الزوجة الصالحة، أسأل الله أن يرزقني إياها، لكن نحن في مجتمع يصعب فيه إيجاد المرأة الصالحة، والمشكلة أني أحببت فتاة في الجامعة، ولم نتكلم أو نلتقي أبدا، بدأ الحب عندما رأينا بعضنا عند باب إحدى الكليات قبل سنة، فالتقينا صدفة، ونظراتنا كانت غير عادية، ومنذ تلك اللحظة وأنا لا أستطيع نسيانها.
قررت التعرف إليها بشكل أكبر لطلبها للزواج، ووجدت العديد من الأمور المشجعة، منها: أنها تحفظ شيئا من القرآن، مجتهدة في الجامعة، تلبس الجلباب ومحجبة، ولكن أحيانا يكون جلبابها ضيقا، والفتاة من عائلة أصلها جيد جدا، ومستواهم المادي والاجتماعي قريب من مستوانا، والفتاة محترمة جدا، ليس لديها هاتف أو أي وسيلة تواصل حتى أتعرف إليها أكثر.
جميع ما ذكرته لكم وجدته في صفحة الفيسبوك الخاصة بوالدها، وأحيانا كنت أراها ذاهبة إلى المصلى في الجامعة، وهكذا. حبنا لبعضنا شديد جدا، وهذا لا يخفى من نظرات أعيننا، وهناك بعض الملاحظات السلبية، مثل ربطها للحزام على جلبابها، وتأكل بيدها الشمال.
هل أتقدم لهذه الفتاة أم أبحث عن غيرها؟ مع العلم أنه يصعب علي نسيانها، وقد أكملت نصف سنة دون رؤيتها، ولكنها ما زالت عالقة في ذهني ولا أستطيع نسيانها.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مهدي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لوالدك وأسرتك حرصهم على تحميلك المسؤولية، ونشكر لك الحرص على مساعدة الوالد والعمل معه، وسعدنا أنهم يحرصون على تزويجك، وهذا باب من الخير فتحه الله عليك، ونتمنى أن تشكرهم في فكرة الاختيار؛ لأن أنجح الزيجات ما تشارك فيها الأسرة منذ الوهلة الأولى، ونتمنى أيضا أن تطلعهم على هذا الأمر من بداياته.
نحن لا نريد لشباب الجامعة أن يتعمقوا في علاقات، ثم بعد ذلك يصدمون بأن يرفض أهل الفتاة أو أهل الشاب، ومن ثم لا تكتمل العلاقة، بل نريد أن تكون الخطوة الصحيحة هي طرح هذه الفكرة، وعندها لا مانع من أن تأتي معك -أختك- إلى الجامعة -إذا كان ذلك ممكنا- لتتعرف على الفتاة، أو تجتهد في أن تتعرف على إخوانها وأسرتها، ليبدأ بعد ذلك المجيء إلى البيوت من أبوابها.
وعلى كل حال: إذا كانت هناك موافقة من الأهل وقبول بمواصفات الفتاة المذكورة، والقبول بعائلتها التي تعرفت عليها؛ فإن دور الأهل أيضا هو أن يسعوا في التعارف، وعند ذلك يمكن أن تأخذ هاتفها لتكلمها الوالدة، وتكلم أنت والدتها، أو تسأل عن إخوانها لتتواصل معهم، المهم هذا التواصل من الناحية الشرعية الواجب أن يكون عن طريق المحارم، سواء كان عبر إحدى أخواتك فتتواصل معها، أو إحدى عماتك، أو إحدى خالاتك، أو الوالدة، أو أن تتواصل أنت مع أخيها، أو عمها، أو خالها، أو أحد محارمها.
هذا هو السبيل الذي أراده الله تبارك وتعالى؛ لأن في هذا تشجيعا للطرفين (العوائل) أنك جاد، وأنها جادة، وأنكم تريدون العلاقة المنضبطة بضوابط الشرع الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.
وما لاحظته من نقص في لبسها وربطها الحزام، أو بعض التصرفات التي أشرت إليها، كل هذا قابل للتصحيح والتصويب إذا كانت الأمور الأساسية موجودة، والإنسان عليه أن يحرص في أن يختار صاحبة الدين، كما هي وصية رسولنا الأمين.
وعليك أن توسع دائرة السؤال عنها، وعليها أيضا ومن حقها أن تسأل عنك؛ لأن العلاقة الزوجية ليست علاقة بين شاب وفتاة، لكنها علاقة بين أسرتين، ولعلها بين قبيلتين، والعلاقة عمرها طويل؛ لأنه ينتج عنها أطفال، وينتج عنها أحفاد، نسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك ولها الخير ثم يرضيكم به.
أكرر دعوتي لكم إلى أن تحرصوا على البدايات الصحيحة، ولا تترك الأمر يمضي بهذه الطريقة؛ لأن هذا التعلق الذي لا تعرفه ولم تتخذ فيه خطوات؛ قد لا يكون هناك سبب لاستمراره؛ لأنك قد تتفاجأ أنها حددت مصيرها، أو أنها مثلا قد خطبها شخص، هناك معلومات أساسية أنت لا تعرفها، فلا تضيع الوقت، ولكن حاول أن تتخذ إحدى الوسائل التي أشرنا إليها، فإذا لم تجد أطلب منها هاتفها أو هاتف والدتها من أجل أن تتكلم مع والدتك، إذا كانت لا تحمل هاتفا فوالدتها بلا شك لها هاتف، أو هاتف والدها من أجل أن يكلمه والدك، المهم يبدأ المشوار بهذه الطريقة.
وهذه الطريقة الشرعية تزيد من ثقة الأهل في أبنائهم وبناتهم، بخلاف الذي يأتي ويفاجئ أسرته وتفاجئ أسرتها، بأنها جاءت بعريس أو جاء بزوجة، نسأل الله أن يقدر لكم الخير.
ونؤكد احترام اللوائح والقواعد التي يراعيها الشرع، ثم بالاهتمام أيضا بالمراسيم الاجتماعية في تأسيس هذه العلاقات، ونسأل الله أن يوفقكم، وأن يرفعكم عنده درجات.
والله الموفق.