أحوالي تتبدل باستمرار وذنوب الخلوات أتعبتني!

0 35

السؤال

أنا رجل في منتصف الثلاثين من العمر، وغير متزوج، أعاني من تبدل الأحوال بشكل مستمر، وغير طبيعي، وغير مستقر بمكان عمل ثابت، فكل عام أترك وظيفة أو تقوم الشركة بتسريحي من العمل، علما بأنها شركات كبيرة، حيث إني أحمل شهادات مهنية كثيرة، والآن مع مرور الأعوام والسنين هذا الأمر أصبح صعبا جدا على نفسيتي وأهلي بالمنزل، وأجلس فترات بدون عمل، وفي تشتت.

عندي دائما تخوف وقلق من كل شيء، من الناس ومن المستقبل، وكثير من السيناريوهات التي أتخيلها في عقلي تحدث بالفعل، علما بأني أقوم بأداء الفرائض، وقمت بأداء الحج، والناس تحسبني على خير، وأمارس الرياضة منذ أكثر من 15 عاما، ولكن عندي ذنب أفعله عندما أختلي بنفسي آخر الليل، عادة سيئة ظلت معي لأكثر من 15 عاما، وعلاقتي بأبي ليست الأفضل، حيث إنه كان أبا سيئ الطباع والخلق.

هل يوجد تفسير وعلاج لما أنا فيه؟ جزاكم الله خيرا، وأسألكم الدعاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك - أيها الابن الكريم - في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا وإياك ممن إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر، وأن يجعلنا وإياك ممن تاب عليهم ليتوبوا.

الأمر يحتاج بلا شك إلى وقفات، لكنا ندعوك بداية ونهاية أن تتوجه إلى رب الأرض والسماوات، الذي بيده ملكوت كل شيء، ونذكرك بأن ما عند الله من الخيرات والتوفيق لا ينال إلا بطاعته، وأسعدنا أنك أشرت إلى المعاصي وشؤمها، فللمعاصي شؤمها، وللمعصية ظلمة في الوجه، وضيق في الصدر، وتقتير في الرزق، وبغضة في قلوب الخلق، (إن الرجل ‌ليحرم ‌الرزق بخطيئة يعملها)، كما أن للحسنة ضياء في الوجه، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الخلق.

احرص على أن تطيع الله تبارك وتعالى، وتب من الذنوب صغيرها وكبيرها، واسأل الله تبارك وتعالى من فضله، واعلم أن عقوق الوالدين من الأشياء التي لها علاقة وثيقة بمسألة الرزق، كما أن ذنوب الخلوات لها أثر خطير على الإنسان. فاجتهد في أن تغير ما بك ليغير الله الأحوال، واعلم أن الله {لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} [الأنفال: 53]، وأنه {لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} [الرعد: 11].

اعلم أن مثل هذه الأمور تحتاج إلى أن يحرص الإنسان على أن يصدق مع الله تبارك وتعالى، فإن تصدق الله يصدقك، ونحن سعداء بتواصلك مع موقعك، ونحب أن نؤكد لك أن الإنسان قد يبتلى أيضا، وإذا ابتلي الإنسان فعليه بالصبر، وفي الحديث (عجبا ‌لأمر ‌المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له).

ندعوك إلى كثرة الدعاء، وإحسان الظن بالله تبارك وتعالى، وعدم الشكوى للناس بأنك ذهبت إلى كذا وأخرجت من كذا، لأن هذا لا يشجع الآخرين على أن تستمر معهم، فلا تعط أسرارك لغيرك، ومعاناتك لا تحدث بها أحدا، ولكن اجعل سرك بينك وبين الله، وتوجه إلى الله في جوف الليل، وقم بالسجود الطويل، تتوجه فيه إلى الله تبارك وتعالى بالدعاء، فإن أقرب الدعاء إلى الإجابة دعوة المضطر، قال تعالى: {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء} [النمل: 62]، فتوجه إلى الله تعالى حتى يرفع الغمة، وعليك بدعوة يونس عليه السلام، كما قال (ﷺ): (دعوة ‌ذي ‌النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين، فإنه لن يدعو بها مسلم في شيء قط إلا استجاب له).

احرص على المواظبة على أذكار الصباح والمساء، والإكثار من تلاوة القرآن، وأكثر من الاستغفار والتوبة، والصلاة على النبي (ﷺ)، ولا مانع من أن تقرأ على نفسك الرقية الشرعية، أو تذهب إلى راق شرعي متخصص، ونتمنى من الله تبارك وتعالى أن يعينك على تجاوز هذه الصعوبات، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقك، وأن يرفعك عنده درجات.

ندعوك أيضا إلى ترك الممارسة الخاطئة، والبحث عن الزواج الحلال، واعلم أن الزوجة تأتي برزقها، وكذلك الأطفال يأتون برزقهم، فنسأل الله تبارك وتعالى أن يوسع عليك في الرزق، وأن يعينك على معرفة النعم التي تتقلب فيها حتى تؤدي شكرها؛ لأننا إذا شكرنا ربنا نلنا بشكرنا لربنا المزيد، {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم} [إبراهيم: 7].

نسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقك من فضله، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات