السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى
شيوخنا: أنا شاب، عمري 16 سنة، أعتقد أني فعلت كل شيء حرام، كذبت وانتحلت شخصية، وسرقت، وكل شيء إلا الشرك والزنا، حتى إني ضاقت بي الدنيا، فتركت دراستي بسبب أن أمي وأبي انفصلا، وصرت أعمل في وظيفة، والله إني نادم على كل ذنب، وكل الكذب الذي خرج من فمي، وكل النفاق الذي ظهر علي، حتى إني انتحلت شخصية شاب لا وجود له!
أحاول التغير، لكن لا أريد أن يعرف أحد بأفعالي؛ خاصة أني انتحلت شخصية غير موجودة، لا أريدهم أن يصدموا، أريد فقط أن أختفي وأتوب إلى الله وحدي بدون علم أحد، فهل يجوز لي أن أتوب بدون إخبار الناس عن كذبي ونفاقي، وأني انتحلت شخصية؟
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ التائب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك - ولدنا الحبيب - في استشارات إسلام ويب.
أولا: نحن سعداء بتواصلك معنا، كما أننا سعداء أيضا بما ألهمك الله تعالى من العزيمة، والإصرار على التوبة والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى، وهذا فضل من الله تعالى ورحمة، فينبغي أن تشكر هذه النعمة، ومن شكر هذه النعمة المبادرة والمسارعة فورا إلى التوبة، بدون أي تأخير أو تسويف أو مماطلة.
فبادر بالتوبة، وسارع إليها، واعلم أن الله سبحانه وتعالى يتوب على التائب مهما كان ذنبه، فقد قال سبحانه وتعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم} [الزمر: 53].
والقرآن مملوء بالآيات التي دعا الله تعالى فيها المجرمين بأصنافهم إلى التوبة، فقد دعا الكفار والمشركين، ودعا الزناة، ودعا القتلة، والمرابين، وغيرهم ممن وقعوا في عظائم الذنوب وكبائر الجرائم، دعاهم سبحانه وتعالى إلى التوبة، وأخبر سبحانه في كتابه أنه يقبل توبة التائبين إذا تابوا، فقال: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون} [الشورى: 25].
بل أخبر سبحانه بأنه يبدل سيئات التائب حسنات فقال: {إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما (70)} [الفرقان: 70].
وأخبر سبحانه أنه يقبل توبة من يتوب من قريب، فقال: {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما} [النساء: 17].
وأخبر (ﷺ) أن الله يفرح بتوبة عبده إذا تاب، فقال (ﷺ): لله أشد فرحا بتوبة أحدكم من أحدكم بضالته إذا وجدها وقال (ﷺ): التائب من الذنب، كمن لا ذنب له. وقال (ﷺ): فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب، تاب الله عليه.
فبادر وسارع إلى التوبة، والتوبة تعني:
1- الندم على فعل الذنب.
2- العزم في القلب على عدم الرجوع للذنب في المستقبل.
3 - الإقلاع عن الذنب في الوقت الحاضر.
فإذا فعلت هذه الشروط في التوبة فقد استكملت التوبة، والله تعالى يقبل توبتك، وإذا كان هناك حق مادي لآدمي؛ فلا بد من إرجاعه وإيصاله إليه عند القدرة على ذلك، وإذا وقعت في السرقة التي هي سرقة الأموال، فيجب عليك أن ترد هذه الأموال، ولكن لا تخبر أحدا بما فعلت من الذنوب، فإن النبي (ﷺ): من أصاب شيئا من هذه القاذورات فليستتر، فما دام الله تعالى قد أحسن إليك وسترك فاستر على نفسك، ولا تحدث أحدا، ويكفي إيصال الأموال بأي طريقة إلى أربابها، لا تصرح لهم بأنك سرقت.
وبهذا تعلم أنك لا تزال في خير كثير، فبادر إلى استغلال ما منحك الله تعالى.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتوب علينا وعليك.