شخصيتي لامبالية ولدي صراع داخلي، فماذا أفعل؟

0 18

السؤال

منذ كنت صغيرة وأنا أتابعكم، جزاكم الله خيرا على كل ما صدر منكم من علم ومواعظ للنفس.

أعاني من صراعات داخلية كثيرة، أعي مدى خطورتها علي، وما هي بالضبط، أريد أن أكون مع الله، ولكن فتن الحياة تجذبني، رغم أني أحاول الرجوع يوما بعد يوم، لدي شخصية لامبالية، حساسة وعاطفية جدا، عرضة للحزن والاكتئاب بسبب الناس، فكلمة يسيرة تهدم كياني بكامله!

أقوي نفسي دائما بكل ما ينصح به من العبادات، والتفاؤل وغيرها من الحلول، ولكن مفعولها كالمخدر، يزول مباشرة عند التعرض لأول كلمة أو حركة أو فشل أو أي شيء سلبي، نفسي لا تقوى على ذلك، مللت المحاولات حتى يئست، أعلم أن اليأس لا ينفع، وبسبب هذه النصيحة أنا هنا أتعايش مع نفسي، تارة نشطة مرحة، وتارات حزينة كئيبة وعابسة، أحد أهم الأسباب كان منذ أن أخبرتني صديقتي في العديد من المرات التي تراني فيها قادمة إليها، تخبرني ما بك قادمة كالمجنونة الكئيبة؟ من يراك يقول مريضة نفسية، حتى أنا اليوم أعترف أني مريضة نفسيا، رغم أني أقاوم وأقاوم، لأبلغ هدفي من الحياة، متابعة دراستي حاليا على وشك التخرج من الماجستير، منذ صغري وأنا في وسط عائلة سلبية، صراعات دائما، ولا شيء غيرها.

مشكلة أخرى وهي أكبر بكثير، أني عندما أخرج وحدي أكرر أن كل الناس حولي تراني كالمجنونة -كما قالت صديقتي- حتى أعود، أرتبك وأخاف وأسرع عائدة، أحيطكم علما بأني فتاة كل من يراني من بعيد يعترف بطيبتي، وأني بشوشة الوجه جميلة كتومة لا أتحدث، وأنا فعلا كذلك.

شكرا على ردكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إلهام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك دوام الصحة والعافية.

أولا: الحمد لله أنك مقاومة لكل ما يحيط بك من صراعات وأحزان وأفكار سلبية، فهذا إن دل إنما يدل على تمسكك بالحياة بصورة عامة، وبقوة إرادتك في تحقيق أهدافك الخاصة.

ثانيا: إن الدرجة العلمية التي وصلت لها تعتبر إنجازا كبيرا، يتمناه كثير من الناس في مجال تخصصك، وأنت ما زلت في مقتبل العمر، ويرجى منك الكثير.

ثالثا: ما أوردته في رسالتك ربما يرجع إلى حساسيتك الزائدة تجاه تعليقات الآخرين وأخذها مأخذ الجد، وهذا ظهر جليا في أثر التعليق الذي أدلت به صديقتك، ولا نعلم ما إذا كانت نواياها من باب الشفقة والرحمة بك، أم جهلا منها بالأثر الذي تتركه مثل هذه التعليقات على النفس، لأن هذا النوع من التعليقات منهي عنه في الإسلام.

أنت - أيتها الفاضلة - تتمتعين بصفات محمودة - كما ذكرت - ربما يفقدها كثير من الفتيات في مثل سنك، فاحمدي الله عليها كثيرا.

أما ظنك بأن الناس يرونك كالمجنونة فهذا ظن غير صحيح، وليس له أي دليل يسنده، لذا المطلوب منك هو عدم الاكتراث لمثل هذه الأفكار، فاخرجي وأنت كلك ثقة بنفسك، وتعاملي مع الآخرين بصورة طبيعية، وركزي على ما لديك من محاسن وإيجابيات.

بالنسبة للوسط العائلي الذي وصفته بالسلبية؛ فكوني أنت الفاعلة فيه بالإيجابية، واعتبري إصلاح هذا الوسط بمثابة الجهاد، وابتغي الأجر والثواب من الله تعالى فيه، فكوني قدوة في الأخلاق والقيم، وحاولي إصلاحهم، عسى أن تكون هدايتهم وإصلاحهم على يدك.

يمكن أن تكون البداية بدعوتهم بحضور المحاضرات والدروس الدينية، التي تذكر المسلم باتباع الأخلاق الكريمة، والتخلق بها، وتبعده عن كل ما هو سيء، مثل أمراض القلوب، كالغيرة والحسد والسخرية وما إلى ذلك.

أخيرا نقول لك: امضي في طريقك ولا تلتفتي لتعليقات الآخرين، فأنت أعرف بنفسك من الآخرين، وحاولي أخذ الأمور ببساطة، وضعي لك معايير لتقييمها، مبنية على الأسس الإسلامية، وعلى فقه الأولويات، والاستعانة بالاستخارة في حالة مواجهة أي صراع، أو في حالة أن هناك صعوبة في اتخاذ القرارات، وتقربك لله سبحانه وتعالى يبعدك عن كثير من هذه الأشياء والأحزان التي تحيط بك، فلا شك أن من تقرب لله سبحانه وتعالى فإن الله سبحانه وتعالى غفور ورحيم ولطيف بعباده، وتذكري دائما هذه الآية الكريمة التي يقول فيها المولى سبحانه وتعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم}. وقوله تعالى: {ولا تيأسوا من روح الله}.

ونسأل الله سبحانه وتعالى لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات