السؤال
السلام عليكم
لدي آثار حروق بارزة جدا في جسدي (رجلي وساقي)، ولا يوجد حل لها، لم أعد أتحمل منظرها، رغم محاولاتي الكثيرة بالرضا، وأحزن عندما أعرف أنني لا أستطيع الزواج وأنا بهذا المنظر!
ليس لدي علاقة جيدة مع عائلتي، ولم أعد أفكر في شيء سوى الانتحار، أعلم أنه حرام، وأن هذا ربما ابتلاء، لماذا لا يمكنني الانتحار رغم أن الله يعرف معاناتي، ويعرف بأنني لا أستطيع التحمل أكثر؟
أريد الحل من فضلكم!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريحانة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك - ابنتنا العزيزة - في استشارات إسلام ويب.
أولا: نسأل الله تعالى أن يأجرك في مصيبتك، وأن يرزقك الرضا والسعادة والطمأنينة.
ثانيا: نحن ندعوك - ابنتنا الكريمة - إلى إعادة النظر والتفكير الجيد لفهم هذه الحياة على الوجه الصحيح؛ فهذه الحياة ليست إلا مرحلة من مراحل أعمارنا الطويلة، وهي مرحلة قصيرة جدا، أوجدنا الله تعالى فيها ليس للجزاء على أعمالنا وإنما لاختبارنا وامتحاننا بما يجري علينا من الأقدار، وبما يكلفنا الله تعالى به من الأعمال، ثم ننتقل بعد هذه الفترة القصيرة من الامتحان إلى دار الجزاء، وهي دار الخلود والبقاء الدائم الذي لا ينقطع.
فإذا فهمت الحياة بهذا الفهم علمت أن كل ما يقدره الله تعالى عليك من الآلام والمصائب والأحزان إنما هو مجرد امتحان عابر، وسيزول هذا الألم بعد فترة من الزمن طالت أو قصرت، ولكن ستنتقلين بعد ذلك إلى نيل وأخذ الجزاء والثواب على هذا العمل الذي عملته، فمن قدر الله تعالى عليه مصيبة، بأن سلبه نعمة من النعم؛ فالجزاء يكون بحسب ذلك الألم، وحينها يدرك الإنسان أن ما يقدره الله تعالى من الآلام هو في حقيقته منح إلهية، إذا هو قابلها بالصبر والاحتساب.
ونعم الأمر يحتاج إلى صبر كبير، ولكن الصبر عاقبته دائما إلى خير كثير، ولذلك قال الله سبحانه وتعالى: { إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} [الزمر: 10]. فالعاملون الآخرون يؤجرون على أعمالهم بحساب، أما الصابر فإن الله تعالى يفرغ عليه ويصب عليه الثواب صبا بغير حساب؛ لأن الصبر كان مؤلما وشديدا على النفس، فاستحق أن يثاب بثواب كثير.
فإذا تذكرت أن الحياة ستنقطع قريبا، وأن الإنسان لن يموت إلا بأجله؛ سهل عليك هذا الصبر والاحتساب.
أما أن يبادر الإنسان ويسابق إلى ارتكاب ما حرم الله تعالى عليه فيقتل نفسه؛ فإنه أساء إلى نفسه من نواح عديدة، أولا: أساء لنفسه بارتكاب هذه الجريمة المحرمة، واعتدى على النفس التي خلقها الله، فإن أجسادنا وأنفسنا مخلوقات لله تعالى نحن لا نملكها، ولا يجوز لنا الاعتداء عليها.
وثانيا: حرم نفسه الثواب والأجر الجزيل على المصيبة التي وقع بسببها في هذا الألم الذي جره إلى الانتحار، إلى غير ذلك من الآثار التي تترتب على هذه الجريمة، ثم الجزاء الأخروي حينما يعاقبه الله تعالى على فعله هذا وتعديه على خلق الله تعالى، فإن النبي (ﷺ) أخبر بأن من قتل نفسه فإنه في نار جهنم، يتعذب بنفس الأدوات والآلات التي قتل بها نفسه في الدنيا، فقال: من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده، يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم، خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه؛ فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا [رواه مسلم]
فاحذري من أن يجرك الشيطان إلى هذا القرار الخطير، وهذه النهاية المؤلمة، مؤلمة في الدنيا ومؤلمة في الآخرة، واحتسبي أجرك عند الله -سبحانه وتعالى- واعلمي أن الله تعالى سيجعل لك يسرا وفرجا، وأن هذا الفرج له أشكال عديدة، قد يكون بأن ييسر لك الزواج، والله تعالى على كل شيء قدير، وليس الأمر صعبا، فأحسني ظنك بالله -سبحانه وتعالى-، وليس مستحيلا أن ييسر لك زوجا يرضى منك بهذا الأمر الذي فيك، وقد يكون بأن يخلق الرضا والطمأنينة في نفسك، فتكتفين بما قدره الله تعالى عليك؛ فأحسني ظنك بالله وتوجهي إليه.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.