السؤال
السلام عليكم.
أسأل الله أن يوفقكم، فوالله إني أحبكم في الله.
لقد تعرفت إلى فتاة، وفي الشهر الأول كان كل شيء جميلا، ووعدتها بالزواج؛ لأني وجدت فيها ما أبحث عنه، ثم بعدها وقعنا في الحرام برضانا، ثم مع مرور الوقت تفاجأت بأنها تشتكي كثيرا، ولديها فرط في الشك، وتركز على أبسط التفاصيل، مع العلم أني ملتزم معها في كل شيء، ولا أخونها مع غيرها، لكنها دائمة الشك، ونتخاصم كل يوم، ولم أعد أتحمل مزاجيتها، وشكها المفرط، وتقلباتها، رغم محاولاتي العديدة بنصحها، ولكن دون جدوى، مع العلم أننا نحن الرجال نحتاج إلى امرأة تفهمنا، وتثق فينا، ولا تضغط أو تشك كثيرا.
فهل أكون آثما لأنني لم أف بالوعد؟ مع العلم أنها لم تتغير، ولا زالت على طبيعتها، كما أنني شاب أريد زوجة لا تضغط علي كثيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نحن سعداء بتواصلك معنا، ونبادلك الحب بالحب، ونسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير، وأن يتوب عليك، ويصلح شأنك كله.
لا شك -أيها الحبيب- أنك وقعت في خطأ عظيم، والذي فهمناه من كلامك -ونرجو أن نكون مخطئين- أنك وقعت معها في الفاحشة -والعياذ بالله تعالى-، وإذا كان الأمر كذلك، فإن الواجب عليك أن تبادر بالتوبة أولا، قبل أن تسأل عن أي شيء آخر في ما يتعلق بهذه الفتاة، فإن عقوبة الله سبحانه وتعالى لا تقوم لها السماوات والأرض، فكيف تصبر أنت عليها؟!
فارحم نفسك، وخذ بأسباب النجاة، والسبب الأعظم هنا هو التوبة، والله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر، أي قبل أن تأتيه سكرات الموت، فبادر وسارع إلى التوبة، واعلم أن الله تعالى يمحو بهذه التوبة ذنبك السابق، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، والتوبة تعني: الندم على فعل الذنب، والعزم على عدم الرجوع إليه في المستقبل، مع الإقلاع عنه في الحال.
والذي يصنع في قلبك الندم معرفتك بتبعات هذا الذنب وعقوباته، فإذا آمنت، وأيقنت بلقاء الله تعالى في الدار الآخرة، وأن ثمت حساب وجزاء، وجنة ونار؛ فإن خوفك من ذنبك سيبعث في قلبك الندم على فعله، والندم هو أول أركان التوبة، والعزم على عدم الرجوع إليه في المستقبل، ثم تقلع عنه في الحال، فإذا تبت هذه التوبة فإن الله تعالى يمحو بها ذنبك.
ونصيحتنا لك -أيها الحبيب- أن تأخذ بالأسباب التي تثبتك على طاعة الله تعالى، وتبعدك عن الوقوع في معصيته، ومن أهم ما يحصل به ذلك الرفقة الصالحة، فحاول أن تتعرف على الشباب الطيبين، وتكثر من مجالستهم.
وهذه الفتاة الواجب عليك أن تقطع صلتك بها تماما، فإن كل تواصل معها حرام، وقد جرك هذا التواصل إلى أن وقعت في ما وقعت فيه، فالواجب عليك -وهو جزء من توبتك- أن تقطع الصلة بها، وليس حراما، بل يجب عليك أن تتركها، فإذا أردت الزواج بها بعد ذلك فأت البيت من بابه، واخطبها خطبة شرعية، واعقد عليها العقد الشرعي، أما قبل ذلك فالواجب عليك قطع الصلة بها تماما؛ حتى لا تقع في ذنب آخر.
ولن تعاقب إذا لم تتزوج بهذه الفتاة، وإن كنت قد وعدتها بذلك؛ فإن هناك أمور تبرر لك الانصراف عنها، ومن هذه الأمور سلوكها، وموقفها من الفاحشة، والتواصل مع رجل أجنبي عنها، وإن كان هذا الوعد الذي صدر منك ما ينبغي لك أن تخلفه، ولكن إخلافه في هذه الحال لما يترتب على إخلافه من المصالح.
فنسأل الله أن يوفقك لأرشد أمورك، وأن يتوب عليك، وأن يقدر لك الخير حيث كان.