السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحببت شخصا حبا جما، أحببته منذ عمر 16 عاما، وإلى اليوم وعمري 25 سنة، ويعلم الله كم أحببته ولم أتحدث معه بأي شكل، وحينما دخلت للجامعة تحدث معي، ولم أتقبل طريقة تعامله ورفضت الاستمرار في الحديث معه، لكن حبه ما زال يسكنني.
تزوج الشاب في سنة 2022، وما زلت أفكر فيه، ولم أتقبل فكرة زواجه، وأعلم أن هذا قدر الله وحكمته، وأدعو الله أن يبارك له في زواجه وذريته، لكن قلبي يتألم بشكل دائم، ولا أعرف ما الحل؟ على الرغم من انشغالي بقراءة القرآن وحفظه، وأتممت ما يقارب 15 جزءا من الحفظ، ولكن كلما أراه أو تذكر سيرته أمامي كأنهم يبترون جزءا مني، فماذا أفعل؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
اعلمي -أختي وفقك الله- أن المسلم لا بد أن يكون حريصا على طاعة ربه، والاستقامة على أمره، وأن يقدم مراد الله على هوى نفسه ورغباتها، لأن في ذلك صلاح قلبه وصلاح حياته كلها، وقد أحسنت عندما منعت نفسك من الحديث مع هذا الشاب في البداية، أما ميل القلب إلى أي شخص فهو من الأمور التي لا يملك الإنسان التحكم فيها، لكنه يملك تصرفاته وأقواله وأفعاله، وعلى ذلك يحاسبه الله تعالى، فقد جاء في الحديث عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقسم بين نسائه فيعدل، ثم يقول: اللهم هذا فعلي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك) [رواه أحمد].
فما حدث منك في ميل قلبك لهذا الشاب لسنوات لا تملكين التحكم فيه، ولكنك تملكين التوقف عن أي فعل أو سلوك يوصلك للحرام أو يقربك منه، فخطوة التعارف والحديث مع هذا الشاب، ومحاولة لفت انتباهه أو التعرف إليه لم تكن صائبة، ناهيك أن في ذلك من مزالق الشيطان، ما يوقع الإنسان في الكثير من المعاصي؛ لذلك عليك أولا التوبة إلى الله تعالى من هذا الفعل، وتحقيق شروط التوبة الثلاثة: من الإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم الرجوع إليه.
أختي الفاضلة: إذا كان الطرف الآخر يبادلك نفس المشاعر أو راغبا فيك، فكان من الممكن أن يتحول هذا الحب إلى زواج، ففي الحديث: (لم ير للمتحابين مثل النكاح) [رواه ابن ماجه]، ويظهر من سؤالك أن الطرف الآخر لا يبادلك نفس المشاعر، فلم يبادر إلى خطبتك، بل صدر منه ما جعلك تنفرين منه، ثم أكد ذلك بالزواج من غيرك، وهذا يؤكد انه لا يميل إليك ولا يفكر فيك. والتعلق بهذا الشاب في هذه الحالة نوع من العبث وإرهاق النفس، والدخول في حالة من القلق والتفكير، الذي يخشى أن يقود صاحبه إلى اضطرابات نفسية، أو الوقوع في تنازلات أو قرارات يندم عليها بعد ذلك.
لذلك ننصحك للخروج من هذا التعلق بمجموعة أمور:
أولا: املئي فراغ حياتك اليومية بكل ما يزاحم التفكير في هذه العلاقة، فالتفكير في مستقبلك وعلاقتك بالله تعالى، وتنمية مهاراتك يساعدك في الابتعاد عن التفكير السلبي عموما، والفراغ يدفعك للعودة للتفكير به دائما.
ثانيا: الدخول في نشاطات نسائية تفاعلية جماعية، ذلك يسهم في الشعور بالانتماء والحب والتعاون والتقدير الذي تبحثين عنه، وهذا يساهم في خروجك من التفكير في هذه العلاقة أيضا.
ثالثا: لا بد من تقبل فكرة الغياب والتخلي، فالحياة مليئة بالتجارب التي تمر علينا ثم تنسى، ونتعلم منها الدروس والعبر، ولا شك أننا نغادر تلك التجارب ولا يبقى منها إلا الذكرى؛ لذلك ينبغي أن تحدثي نفسك أن هذه تجربة تعلمت منها الكثير، ولا بد أن تتجاوزي ما فيها من سلبيات، لا أن تبقي فيها فتؤثر على بقية حياتك.
رابعا: عليك أن تتخلي عن كل ما يذكرك بهذا الشاب، من رسائل أو صور، وترك أماكن تواجده أو البحث عن أخباره، أو مشاهدة ما يذكرك به، فهذا يسرع عملية النسيان، والتخلي عن التفكير فيه ويساعدك، على بناء ذاتك.
خامسا: استحضري الجانب السلبي لهذه العلاقة في عقلك، فمن تلك الجوانب السلبية أنها تقربك من المعصية، وأن هذا الشخص لا يهتم بك ولا يبادلك المشاعر، وأن الوصول لهذا الشاب بعد زواجه أصبح لا يحقق ما كنت تتمنين وتطمحين إليه، وأن البقاء في حالة العشق والتعلق، لن يدفع ثمنها إلا أنت من حياتك وراحة قلبك.
أخيرا: عليك أن تكثري من الدعاء والاستغفار والانشغال بطاعة الله تعالى، والارتقاء باهتمامات حياتك، فمشاعرك ينبغي أن تكون غالية، وعليك أن تتحلي بالذكاء العاطفي، فلا تعطي حبك واهتمامك إلا من يستحق، ولا ينبغي أن يتحكم في مشاعرك مجرد أوهام يصنعها الإعلام وإغراءاته المختلفة، فأنت أكبر من كل ذلك.
نسأل الله أن يوفقك للخير ويعينك عليه.