وقعت في النميمة وأخاف أثرها بين الصديقات.. فما توجيهكم؟

0 17

السؤال

السلام عليكم
أيها المشايخ الفضلاء.

أعاني من الوسواس القهري، وجلد الذات، بدون أن أجامل نفسي، فإني فعلت ذنبا وهو النميمة، ونقلت كلام صديقة لي بالسوء إلى صديقة أخرى، وكان الكلام ليس بالجميل.

لا أعرف لماذا فعلت ذلك، ظننت أني يجب علي ذلك وأخبرتها! طلبت العفو هي الأخرى لأنها طيبة، وكلامها زلة لسان، وذكرت محاسنها وطيبتها، وقبلت تلك الفتاة اعتذارنا وسامحتنا.

تلك الفتاه قالت كلاما سيئا عن صديقة أخرى لنا، وأنا نقلته للفتاة التي اعتذرت منها، وأوصيتها أن يموت الخبر بيننا، ووعدتني وقامت بمسامحتنا جميعا.

أنا أخاف أن تخبر بذلك الكلام السيء الصديقة المعنية بالأمر، وتحدث مشاكل بين الصديقتين بسببي!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إكرام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك - ابنتنا الفاضلة - في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يهديكم جميعا، ويهدينا لأحسن الأخلاق والأعمال؛ فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.

لا شك أن النميمة كبيرة من كبائر الذنوب، والنميمة هي نقل كلام الناس على وجه الإفساد، والنمام على خسارة في كل الأحوال، ولا يمكن أن يكون النمام صادقا، والمؤمنة إذا سمعت كلاما من الخير فعليها نشره، وإذا سمعت كلاما من الشر فعليها دفنه، والنصح للقائلة وتذكيرها بالله تبارك وتعالى.

النمام يستطيع أن يفعل من الإفساد في اليوم ما يعجز عنه الساحر في السنة؛ لأن أثرها كبير، وخطير جدا؛ ولذلك شددت الشريعة في أمرها، حتى قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة نمام)، وفي رواية: (لا يدخل الجنة قتات) والقتات نمام ولكنه يزيد في الكلام، ويضيف عليه أشياء أخرى. وهذا كله من الأمور المحرمة، بل من كبائر الذنوب، بل من الذنوب المركبة التي إذا ورط الإنسان نفسه فيها فالإشكال فيها كبير؛ لأنه يحتاج فيها إلى توبة التواب، ويحتاج فيها إلى أن يسترضي من ظلمهم واغتابهم، ونقل الكلام عنهم أو لهم، هذا كله من الإشكالات الكبيرة.

وسعدنا أنه حصلت المسامحة في الحالة الأولى، وانزعجنا لتكرار النميمة ونقل النميمة لها، أيضا مع اشتراطك لها أن يموت الخبر بينكما، أنت لست مطالبة بهذا، والإنسان يملك سره فإذا أذاعه أصبح ملكا لغيره؛ ولذلك ينبغي أن تحافظي على أسرار الزميلات، ولا تنقلي كلاما من هذه لهذه؛ لأن هذا يشعل نيران العداوة والبغضاء -عياذا بالله تبارك وتعالى-.

النميمة تحتاج إلى توبة نصوح، وبعد ذلك إذا استطاع الإنسان أن يستسمح الذين نقل لهم النميمة، أو نقل عنهم النميمة فلا مانع من ذلك، أما إذا خشي أن يترتب على إخباره مفسدة كبرى؛ فيكتفي بالتوبة، وكثرة الدعاء والاستغفار لهم، ويمكن كذلك أن يستسمحهم بصورة عامة، دون ذكر تفاصيل، كأن تقولي: (اعفي عني إذا قصرت أو أخطأت في حقك)، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير.

الذي أسعدنا هو الشعور بالخوف، والأمر فعلا مخيف، والذي نطلبه منك هو التوبة النصوح، مهما كانت الصديقة قريبة منك ينبغي أن تحافظي على أسرار الأخريات، ولا تنقلي إلا الجميل؛ فإن المؤمنة مثل النحلة تجلس على الأزهار الجميلة والورود الرائعة، لتخرج العسل المصفى، لا تكوني كالذبابة التي لا تجلس إلا على الخبيث وتنقله.

نسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يهدينا جميعا لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات