السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب بعمر 19 سنة، أنا في غفلة، وقلبي لم يعد ينجذب للطاعات، بعد أن كنت أقرأ وأحفظ وردا من القرآن يوميا منذ صغري، وأحافظ على الصلاة، وأعمل ما يمكنني فعله من العمل الصالح، وأحاول أن أتجنب المعاصي، ولكن العكس تماما يحدث الآن.
شهوتي تسيطر علي -العادة السرية- وأشاهد ما لا تجوز مشاهدته، ولا أصلي، ولا أقرأ القرآن، والله منعم علي، والشكر والحمد له دائما وأبدا، وبعد أن كنت متفوقا دراسيا ورياضيا، أصبحت أفتقد لهذه النعمة على سبيل المثال.
أريد التوبة وراحة القلب، فكيف لي الخلاص؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أولا: نسأل الله تعالى لك الإعانة على الخير، ونوصيك بما أوصى به النبي -صلى الله عليه وسلم- الشاب الذي كان يحبه، وهو معاذ بن جبل -رضي الله تعالى عنه-، فقد قال له: (يا معاذ، والله إني لأحبك، أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة تقول: اللهم أعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك)، ونحن نقول في كل ركعة من صلواتنا: (إياك نعبد وإياك نستعين)، فاطلب العون من الله تعالى، هذا أولا.
ثانيا: حاول أن تأخذ بالأسباب التي تعينك على الطاعة وتيسرها على نفسك، ومن ذلك الصحبة الصالحة والرفقة الطيبة، فحاول بقدر استطاعتك التعرف على الرجال الصالحين والشباب الطيبين، وحاول أن تملأ وقتك بالتواصل معهم بما يفيد وينفع، فإنهم يذكرونك إذا غفلت، ويعلمونك إذا جهلت، ويعينونك في وقت العجز والضعف، فاستكثر من الإخوان الصالحين الطيبين والأصدقاء النافعين، وبذلك تكون سهلت على نفسك الكثير من الصعوبات، وخففت على نفسك الكثير من ثقل الطاعات.
ينبغي أن تتذكر دائما -أيها الحبيب- بأن هذه الحياة ميدان اختبار وميدان امتحان، والله تعالى يمتحننا بما يأمرنا به وينهانا عنه من التكليفات الشرعية، وقد تكون ثقيلة على النفس، لكن المسلم يدرك تمام الإدراك بأنه في مرحلة جهاد لنفسه أولا، وهذا يعني أنه في حاجة إلى كثير من الصبر والمعاناة، وأن هذا الصبر الذي يبذله في سبيل طاعته لربه عواقبه حلوة، وكما قال القائل:
الصبر مثل اسمه مر مذاقته لكن عواقبه أحلى من العسل.
جاهد نفسك وتكلف ولو تعبت في القيام بالفرائض التي فرضها الله تعالى عليك، وملازمة شيء من القرآن ولو يسيرا، ومهما كان الأمر في أول الأمر شاقا ومرهقا فإنه سيحلو -بعون الله تعالى- مع مرور الأيام.
جاهد نفسك على منع نفسك من اتباع الهوى والشهوات، فحاول أن تغض بصرك عن المثيرات من الصور والمناظر، وأن تحفظ سمعك عن المثيرات من الألحان والأغاني المهيجة للشهوات، وهذا الطريق الذي تطرقه بهذه الطريقة بلا شك نهايته السعادة، والسكينة والطمأنينة، والاستقرار، فلا شيء يجلب لك الراحة مثل الاشتغال بطاعة الله تعالى، ولكنك في حاجة إلى الأخذ بأسباب الإعانة فقط، فإذا أخذت بتلك الأسباب فإن الله تعالى ييسر لك الأمر.
نسأل الله تعالى أن ييسر لك الخير، ويعينك عليه.