أدعو على نفسي بالموت من كثرة ذنوبي.. ساعدوني

0 24

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا باختصار: أكره نفسي جدا، بسبب ما ارتكبته من أخطاء، رغم أني تركت كل هذه الذنوب ولم أعد أفعلها، لكني أعيش في قلق دائم، وألوم نفسي بشدة من أن يعرف الناس عني ما فعلت، خاصة وأن الناس تراني إنسانة محترمة، والجميع يحبني.

أشعر بأني أخدعهم، وأني لا أستحق هذه الثقة منهم، وأخاف جدا من الله أن يتركني ويكرهني بسبب ما فعلت! قلبي يتألم جدا، وأفكر دائما بالموت لأنه سيخلصني من كل مشاكلي، وحتى يرتاح الناس من وجودي لأني أخطأت كثيرا، وأدعو على نفسي دائما بالموت حتى أرتاح!

ماذا أفعل؟ ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ع حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب،،

أعلمي وفقك الله أنه لا يوجد أحد معصوم من ارتكاب المعاصي من البشر، ولكن التقي الصالح يبادر للتوبة، ويسارع إلى الاستغفار متى ما حصل منه زلل أو خطأ، يقول تعالى: {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون}، فالإحساس بتأنيب الضمير، والندم الشديد على الماضي المليء بالكثير من الأخطاء، دليل على النفس اللوامة، التي تلوم صاحبها على التقصير فتدفعه للخير، كما أنها دليل خير في القلب، وصدق في الإقبال على الله تعالى، لأن من شروط التوبة الندم على الذنب، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (الندم توبة).

كوني -أختي- على ثقة بفضل الله ورحمته وكرمه، فمهما كثرت الذنوب وعظمت فإن الله يغفر الذنب ويستر العيب، يقول تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم}، ويقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) [رواه ابن حبان وابن ماجه].

فالله يقبل التوبة ويغفر الزلل، بل ومن كرمه ورحمته أنه يفرح بتوبة عبده إذا تاب إليه، ففي الحديث الصحيح: (لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه، من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته، فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها)، ثم قال -من شدة الفرح-: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح)، فلا تقنطي من رحمة الله مهما كثرت الذنوب وعظمت، فإذا تاب العبد منها وحقق شروط التوبة الثلاثة؛ صادقا مخلصا لله قبل الله توبته ومحيت سيئاته.

وشروط التوبة الثلاثة هي: الإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم الرجوع إليه، وما دام أن الله لم يفضح العبد وهو يقع في المعصية، وأمهله وأخره حتى يتوب ويستغفر، فهذا فضل من الله ورحمة بالعبد ليسهل عليه الرجوع إليه والتوبة.

لذلك عليك أن تعلقي قلبك بالله تعالى وبوعده ومغفرته للذنوب وستره للعيوب، ففي الصحيحين: (يدنى المؤمن من ربه، حتى يضع عليه كنفه فيقرره بذنوبه، تعرف ذنب كذا، يقول أعرف، يقول رب أعرف مرتين، فيقول سترتها في الدنيا وأغفرها لك اليوم).

أختي الفاضلة: كل ما يأتيك من أوهام أنك تخدعين الناس، أو تظهرين أمامهم بخلاف ما تخفين، أو أن ذنوبك عظيمة، لا يغفرها الله حتى بعد التوبة، كل ذلك من سعي الشيطان لإضعاف قلب التائب ليقنط من رحمة الله ويعود للمعصية، فأقصى ما يريده الشيطان من الإنسان أن يقنط من رحمة الله، ليغرق في المعاصي والشهوات، فيظلم قلبه ويبتعد عن ربه وخالقه، لينتهي به الأمر إلى الكفر -والعياذ بالله-، فلا تفتحي هذا الباب على نفسك، ولا تسترسلي بتلك الأفكار السلبية، وكلما مر على قلبك شيء منها؛ استعيذي بالله من الشيطان الرجيم، وبادري إلى الأعمال الصالحة، وانشغلي بذكر الله وتلاوة القرآن.

كذلك ننصحك أن تجتهدي في إعمار وقتك بكل مفيد ونافع من طلب للعلم، ومجالسة النساء الصالحات، والإكثار من الأنشطة والأعمال الخيرية، كذلك المبادرة إلى دعوة ونصح الآخرين، فكل هذا مما يصرف عنك تلك الأفكار السلبية، ويخرجك من دائرة اللوم الدائم للنفس والتفكير بالماضي، ويساعدك في الانتقال لبناء النفس وتزكيتها.

أخيرا -أختي الفاضلة-: أكثري من الدعاء بالستر والعافية في الدنيا والأخرة، واجعلي صلتك بالله قوية، -وبإذن الله- تذهب كل تلك الأفكار والمشاعر السلبية، ويبدل الله -بفضله وكرمه- مكان حزن القلب فرح التوبة، وخوف الفضيحة سعادة وأمان الاستقامة، وهذا فضل الله لمن صدق في الإقبال عليه، يقول تعالى: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون}.

وفقك الله ويسر أمرك للخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات