تأثر عمي وزوجته بأهوال الحرب في بلادنا، فهل من نصيحة لمواساتهم؟

0 1

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما حل بنا في بلادنا من أهوال الحرب ليس هينا، وليس لدي سؤال ولكن عندي طلب، لدي عم هو وزوجته يئسوا من الحياة بسبب أن أخت عمي توفيت بسبب ضيق الحال والحصار في المنطقة، وقبل وفاتها أصيب عمي من قبل العدو؛ مما تسبب في شلل حركته، وأحزنه خبر وفاة أخته، وبعد فترة لا تتجاوز ثلاثة أشهر توفي ابنهما، بل قتل من قبل العدو، وصدقا لم يكن بالشخص الهين، وأنا من شدة تأثري به لم أستطع إكمال امتحاناتي، ولكن أدركت أن الحياة مستمرة، فأكملت مسيري.

المهم أن عمي بسبب اليأس امتنع عن تناول الأدوية، ووضعه سيء، وزوجته تلقي اللوم على نفسها أنها أهملت ولدها، ولكن صدقا لم يكن لها يد في ذلك، وبعدها بشهر أو أكثر توفي والد زوجة عمي، وهما الآن في وضع سيء، فأريد منكم كلاما مناسبا؛ علني أزيل منهما ثوب البؤس هذا، وأسأل الله أن يربط على قلوبهم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هيفاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك بهذه المشاعر النبيلة، وهذا الاهتمام بأحوال هذه الأسرة، ونسأل الله أن يرفع الغمة عن الأمة، وأن يبرم لأهلنا أمر رشد يعز فيه أهل طاعته، وأن يرينا في أعداء الإسلام عجائب قدرته.

لا شك أن الذي حل أمر كبير وخطير، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا ممن إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر.

نبشر كل من ابتلي بأن الأمر لله من قبل ومن بعد، و(عجبا ‌لأمر ‌المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له).

علينا أن نعلم أن هذا البلاء الذي نزل بأهلنا في بلادكم هو اختبار من الله، قال العظيم: (فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون) والبلاء ينزل على الناس وينقسم أمامهم إلى ثلاث طوائف:

- طائفة كانت على الخير والطاعة ومع ذلك تبتلى، فأشد الناس بلاء الأنبياء ثم الذين يلونهم، وهؤلاء البلاء لهم نافع؛ لأنهم يرتفعون به عند الله ليبلغوا منازل ما كانوا ليصلوا إليها إلا بصبر على البلاء.

- الطائفة الثانية مثلنا، كانت مقصرة وبعيدة عن الله، فيأتي البلاء فيردها إلى الله، وتعود إلى الله تبارك وتعالى، وهذه على خير كبير وفي نعم عظيمة، أن يعود الإنسان إلى الله قبل أن يموت، قبل أن يمضي من هذه الدنيا.

- أما الطائفة الثالثة –عياذا بالله– فهي التي كانت في الغفلات، ثم جاء البلاء فلم تزداد إلا قسوة، كما قال تعالى: (فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون * فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون)، هذه هي الطائفة السيئة.

لذلك أرجو أن نحتسب من مضى من إخواننا، ونحتسب ما فقدنا من أموالنا، ونرجو على ذلك الثواب من ربنا، ثم علينا أن نصحح مسيرنا إلى الله، وعلينا أن نوقن أن كل مقتول يموت بأجل، وأن ما حصل هو تقدير من الله تبارك وتعالى، وأن الكون هذا ملك لله، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، فمن رضي بما قدر الله نال الرضا والخير عند الله، ومن لم يرض نال السخط ومضى أمر الله.

لذلك ينبغي أن نقوي إيماننا بقضاء الله وقدره، وأن نوسع صدورنا فنرضى بما يقدره الله، بل علينا أن نوقن أن الأمر كما قال عمر بن عبد العزيز: (كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار)، ومهما تفكر الإنسان في عظم هذا الشر، فإن الشر الذي حجبه الله هو الأعظم، وهو الأخطر وهو الأكبر، وها هو العدو ينكسر، ولله الحمد في كل مكان.

نسأل الله أن يرفع الغمة عن الأمة، وأن يردنا إلى كتابه وإلى هديه ردا جميلا، وأن يملأ نفوسنا بالرضا، وأن يربط على قلب هذه الأسرة، وعلنا أن نذكرهم بأن أقدار الله لا تواجه بهذه الطريقة، ولكن بالرضا بقضاء الله تبارك وتعالى وقدره، والدعاء لمن أصيب، والاستغفار لمن مضى إلى الله تبارك وتعالى، والإنسان عليه أن يظل وفيا بعهده، متمسكا بإيمانه حتى يلقى الله.

نسأل الله أن يعين أهلنا على مواجهة هذه الصعوبات، وأن يملأ قلوبنا أمنا وإيمانا وطمأنينة ورضى.

مواد ذات صلة

الاستشارات