السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والدي كثير المخاصمة لنا، ولا يوجد أي تفاهم بيننا، على الأقل تحدث مشاجرة كل ساعة تقريبا، ولا يمر شهر دون وقوع خلاف، وجميع الخصومات تحدث أمامنا، حتى إن أختي الصغيرة التي لا تكاد تعي شيئا، أصبحت تصرخ من كثرة المشاكل.
أنا نفسي تأثرت كثيرا، وأصبحت أرفع صوتي وأكسر أي شيء أمامي في المنزل عند الغضب، لأنني عندما أحاول التحدث مع والدي، يرد علي بانفعال شديد ويرفع صوته، ويقول لي: أنت لا تفهم شيئا!
أنا الآن في الصف الثالث الثانوي، ولم يتبق على نهاية العام سوى شهر واحد، في بداية السنة تأثرت كثيرا بالمشاكل، ثم حدثت بعض فترات الصلح، لكن سرعان ما تعود الخلافات، ثم يتكرر الصلح، وهكذا، لا أستطيع التركيز على المذاكرة ليوم كامل، وقد ضاع علي الكثير من الوقت في هذه السنة بسبب هذه الأوضاع.
فهل رفع صوتي في هذه الظروف يعتبر حراما؟ وهل من الطبيعي أن تكثر هذه المشاجرات إلى هذا الحد، وبهذه الطريقة أمام أختي الصغيرة؟ ما الحل لهذه المشكلة؟ علما بأن والدي لا يصلي، ووالدتي نصحته كثيرا، لكنه لا يستمع لها، كما أنه لا يمنح أي شخص فرصة للحوار معه، بل يرفع صوته دائما على أتفه الأسباب.
ذات مرة كنا في الخارج، وأرادت أختي الصغيرة أن تلعب في الملاهي مثل باقي الأطفال، مع أن حالتنا المادية جيدة، لكنه رفض ذلك تماما.
عندما طلبت منه التسجيل في درس إضافي لتحسين مستواي في إحدى المواد، سخر مني وقال: وهل هذا سيضرني؟ وما معنى أن تكون في الصف الثالث الثانوي؟ ثم بدأ يستهزئ بي ويقول: زمان لم نكن نأخذ دروسا خصوصية أصلا! وحين أخبرته أن الثانوية العامة الآن أصبحت مختلفة، رفض الاستماع لي.
ما الحل الآن؟ هل يجب أن أتحمل الصلح بعد كل هذه الخصومات المتكررة، أم أن الوضع سيظل كما هو مع استمرار الخلافات اليومية؟ أنا الآن في آخر شهر من الثانوية العامة، وقد ضاع مني الكثير من الوقت بسبب والدي، فماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محب لله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يهدي الوالد لأحسن الأخلاق والأعمال، وأن يعينه على السجود لمالك الأكوان، وأن يلهمكم الصبر عليه، فإن الصبر على الوالد لون من ألوان بره، واجتهدوا في نصحه، وتفادوا ما يغضبه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرده إلى الحق والخير ردا جميلا.
لا شك أن المشاكل والخصومات داخل البيت لها آثار سلبية على جميع الأطراف، وهي تؤثر على أبنائنا الذين يدرسون في المدارس؛ لأنهم ينزعجون ويفقدون الأمان والهدوء، في البيئة التي كان ينبغي أن يجدوا فيها الأمان والطمأنينة والهدوء.
مع ذلك نحن نعتقد أنك في عمر تستطيع فيه أن تعرف الأمور التي تغضب الوالد، والأمور التي ترضيه، إذا تفاديتم ما يغضبه، وتفاديتم أسباب المشاكل، فإن المشاكل -بلا شك- ستقل، ونتمنى من الله تبارك وتعالى أن يعينكم على تجاوز هذه الصعاب، وأرجو أن تجدوا في الأعمام والعمات من يستطيع أن يتفاهم مع الوالد.
الذي يهمنا الآن هو الحرص من جميع الأطراف، على تشجيع الوالد على السجود لله تبارك وتعالى، فإن الصلاة هي مفتاح الطمأنينة، ومفتاح الخير ومفتاح الأرزاق، وأيضا من المهم جدا أن تحرصوا أنتم كأسرة في إعطاء الوالد مكانته، إذا شعر الوالد بمكانته، وأنه يقدر، وأنه يحترم؛ فإن هذا أدعى لأن يكون الهدوء هو سيد الموقف في المنزل.
لا شك أن الشرع يرفض أن ترفع الصوت على الوالد، وتحاول أن ترد عليه بالمثل؛ لأنك لا تكلم زميلا من الزملاء، بل أنت تكلم والدك، وحقه الاحترام والإكرام، ومهما كان تقصير الوالد فإن له حق الصحبة بالمعروف؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول في والد يأمر بالشرك بالله ويأمر بالمعصية لله، قال الله: (فلا تطعهما)، ثم قال بعدها: (وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي).
عليك أن تدرك أن بر الوالدين عبادة لله تبارك وتعالى، وأن تقصير الوالد لا يبيح لك التقصير، بل ينبغي أن تقوم بما عليك كاملا، حتى ولو قصر الوالد.
نسأل الله أن يرده إلى الحق والخير ردا جميلا.