السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كنت أعمل لمدة عامين مع شاب أصغر مني، يصلي، وذو خلق - لا أعلم كيف - ومع مرور الأيام بدأت أشعر تجاهه بمشاعر لم أشعر بها من قبل، فأصبحت بيننا علاقة، كان هو ملجئي ويسمعني، أعانني على كثير من أمور حياتي، وكنت أشعر دائما أني بحاجة لسند؛ لأن أبي قد توفي، وكان دائما يدافع عني في مجال عملنا.
تركت العمل على أمل أن البعد سوف يخفف من علاقتنا، لكن ازداد الأمر تعقيدا، وزدت تعلقا به.
لنا ثلاث سنوات مع بعضنا، وأنا مع مرور الوقت أشعر بثقل، وأشعر بالندم كل وقت، أرجو أن أتخلص من الذنوب ومن المعاصي، وأشعر بتأنيب الضمير، وأصبحت أتمنى قليلا من الراحة، وعدم الشعور بالاختناق الدائم؛ لأني أعلم عدم رضى الله عن أفعالي وغضبه علي، على الرغم من أن الشخص جدا يحترمني ويقدرني، ويبادلني الحب، وينوي الزواج والاستقرار، وحاول التقدم بخطوة أن يطلبني، ولكن والدتي رفضت الفكرة تماما، والسبب صغر سنه.
لا أعلم ماذا أفعل، وأتمنى أن أكون معه بالحلال، ولا أستطيع أن أبتعد عنه بعد أن أصبحت الحياة بهذا التعقيد، وأشعر باكتئاب شديد، وأشعر بخزي وكره لنفسي، وأتمنى أن أرجع لنفسي كما كنت قبل هذا الذنب، وكيف أسترد روحي الطاهرة المليئة بالحياة وحب الله، والإخلاص في جميع أعمالي ونواياي لله؟
لا أعلم كيف أخطو هذه الخطوة، وكيف أصارحه، وكيف أبتعد، وكيف لا أسبب له الألم والخذلان؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك – ابنتنا الفاضلة – في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، وأرجو أن تحدثي توبة من هذه العلاقة التي نشأت وتمددت دون أن يكون لها غطاء شرعي، ولذلك دائما مثل هذه العلاقات ينبغي من البداية أن تتضح فيها الخطوط الأساسية؛ لأن هذا القرب والتواصل لا بد أن يحدث معه هذا الانجراف العاطفي.
والانجراف العاطفي الذي لا يحكم بقواعد الشرع، ولا يبنى على أسس صحيحة، بمعنى أن أهله على علم وأهلك على علم، وأنه جاء للبيوت من أبوابها؛ فإنه إذا لم تكن هذه العلاقة بغطاء شرعي فإنها تجلب التعب للطرفين، فأي علاقة يحدث فيها تجاوزات عاطفية خارج الأطر الشرعية قبل العلاقة الرسمية؛ فإن هذا سيكون مصدرا للتعب، ومصدرا للإشكالات، حتى ولو حصل الزواج، حتى ولو تم بعد ذلك الوفاق؛ لأن البدايات الخاطئة لا توصل إلى نتائج صحيحة.
وعليه: أرجو أولا التوبة مما حصل، وثانيا: التوقف عن هذه العلاقة؛ لأن هذه فيها اختبار فعلي، وبعد ذلك على الشاب أن يكرر المحاولات، هو الذي ينبغي أن يبادر، وهو الذي ينبغي أن يأتي البيوت من أبوابها، يطلب أصحاب الوجهات، يطلب من يؤثر على العائلة، ولكن بعد توقف هذه العلاقات تماما، تقولين له باحترام: سنوقف العلاقة؛ لأن هذه العلاقة تحتاج إلى غطاء شرعي، ونحن لا نعرف نهايتها.
فأي علاقة لا تنتهي بالزواج، وأي علاقة لا يكون فيها الدخول إلى الفتاة عن طريق محارمها (المدخل الشرعي)، وتكون العلاقة نفسها محكومة في توقيتها، وكيفيتها، وكان التواصل فيها محكوما بقواعد وضوابط الشرع الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، لا يمكن أن تقبل من الناحية الشرعية، وأنا أكرر: حتى ولو حصل الزواج، فإن هذا سيكون سببا في الإشكالات، وسببا لحياة زوجية تبدأ فاترة، تبدأ بجفاف عاطفي؛ لأن جرعات العاطفة تم تفريغها في المكان غير الصحيح، في العلاقة التي لم يكن لها غطاء شرعي.
ولذلك أكرر النصيحة بالتوقف، ثم بعد ذلك بإعطاء فرصة للطرفين، البعد أولا، وبعد ذلك عليه أن يطرق الباب، وكلام الوالدة سيتلاشى إذا دخل الرجال، وجاء الخاطب وقابل الوالد، أو جاء إلى محارمك وقابلهم، ورضي هو ورضوا هم، كل هذه الأمور يمكن أن يحدث فيها تغيير، وعند ذلك سيتضح للطرفين إمكانية الإكمال من عدمه، ونحن نوقن أن الأمر سيكون صعبا، لكن الأصعب والأخطر هو التمادي في هذه العلاقة والمجاملة فيها، ثم بعد ذلك تكون الصدمات أعنف وأكبر.
وبعد التوبة إلى الله تبارك وتعالى نوصيك بالإكثار من الحسنات الماحية، وعمارة قلبك بحب الله، وشغل اللسان بذكره سبحانه وتعالى، وكثرة اللجوء إليه عز وجل.
نعتقد أن الشعور بالخطأ هو البداية للتصحيح، بعد ذلك تحتاجين إلى صدق وصبر، ونسأل الله أن يقدر لكم الخير ثم يرضيكم به.