ذنب يعتادني كثيرًا ولا أستطيع التخلص منه، فماذا أفعل؟

0 1

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا لا زلت طالبا جامعيا، والمفروض أني قد أنهيت دراستي، لكني أخطأت كثيرا وأذنبت، وعصيت الله، وحالي تبدل، وأصبحت شخصا آخر، زادت علي الديون جدا، بالرغم من أني لم أكن أحتاج لاقتراض المال، ولم أعد أستطيع العمل، أريد فعلا العودة إلى حياتي الطبيعية من جديد. لا أريد أن أكذب، ولا أن آكل أموال الناس، أريد أن أرضي الله فقط، لكني عاجز عن إيجاد طريق العودة، ولم أعد أستطع البدء لشدة ما فعلته من أمور كثيرة خاطئة، وهناك ذنب بعينه أكرره كثيرا، وهو من ذنوب الخلوات، لا أقدر على تركه إلا لأيام قلائل، ثم أعود إليه، وتملكني شيطاني، وأخشى غضب الله علي.

أنا أحب الله جدا، وظني فيه أنه سيصلح حالي -بإذن الله-، لكني أريد أن يحبني، وأن أفعل ما يحبه، فأرجو منكم الرأفة بشاب صغير لا يعرف كيف سبيل النجاة!

انصحوني، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أشرف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يتوب عليك، وأن يهديك لأحسن الأخلاق والأعمال؛ فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.

بداية نبشرك بتوبة التواب، وبرحمة الرحيم، وبمغفرة الغفور -سبحانه وتعالى-، بل إن ربنا الرحيم يفرح بتوبة من يتوب إليه، ونبشرك أيضا بأن: (التوبة تجب ما قبلها)، وأن (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، و(خير الخطائين التوابون)، والله: {يحب التوابين ويحب المتطهرين}، كما أن الشعور بالخطأ هو الخطوة الأولى والأهم في مسيرة التصحيح، فنسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينك على كل أمر يرضيه.

ونحب أن نؤكد أن أي شاب ترك طعامه وشرابه لله في رمضان، قادر على أن يترك الأمور التي يزعم أنه لا يستطيع تركها، وبمجرد العودة إلى الله -تبارك وتعالى-، والبدء في مسيرة التصحيح، ستجد الحلاوة والثمار المباركة لهذا التغيير الذي يحدث، وقبل ذلك العون من الله تعالى على الطاعة، فمن يصدق الله في التوبة يعينه، قال تعالى: {ثم تاب عليهم ليتوبوا}.

فتعوذ بالله من العجز والكسل، فإن العجز نقص في التخطيط، والكسل نقص في التنفيذ، واجتهد في أن تكون إلى جوار رفقة صالحة، تذكرك بالله إذا نسيت، وتعينك على طاعة الله إن ذكرت، وتجنب الوحدة؛ فإن الشيطان مع الواحد، واحرص على أن تشغل نفسك بالخير، قبل أن يشغلك الشيطان بغيره، وانتبه للهوايات النافعة، والأعمال المفيدة، واجتهد في دراستك، وفيما ينفعك في مستقبل حياتك وأيامك.

وإذا كنت -ولله الحمد- تستطيع أن تترك هذا الذنب أياما، فهذا دليل على أن الاستمرار والاستقرار ممكن، شريطة أن تنمي عندك مرتبة الإحسان والمراقبة لله تعالى، الذي يعلم السر وأخفى، ومرتبة الإحسان هي: أن تعبد الله كأنك تراه، ‌فإن ‌لم ‌تكن ‌تراه فإنه يراك.

ومهما حصل من الإنسان من تقصير، فإن عليه أن يدرك أن باب التوبة مفتوح، وأن رحمة الرحيم تغدو وتروح، وهنيئا لك بحبك لله تبارك وتعالى، {والذين آمنوا أشد حبا لله}، وهنيئا لك بحسن ظنك بربك، فالإنسان إذا أحسن الظن بربه، كان العظيم عند حسن ظن عبده، فقد قال سبحانه في الحديث القدسي: أنا عند ظن عبدي بي، فليظن ‌عبدي ‌بي ‌ما ‌شاء، وسيحبك الله تبارك وتعالى بالتوبة؛ لأن الله {يحب التوابين ويحب المتطهرين}.

أما رأفتنا بك: فهي دعوة لك إلى أن ترأف بنفسك، وتسلك سبيل النجاة والخير، فإن الأمر يمضي، والتمادي في العصيان لا يرضي الكريم الوهاب -سبحانه وتعالى-، فتب إلى الله، وعد إليه، واعلم بأنه من يأتي يمشي، يأتيه العظيم هرولة، فهو حريص على توبتنا وأوبتنا، وهو أرحم بنا من أمهاتنا، وقد قال: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}، ويقول: {والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما * يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا}.

نسأل الله أن يعينك على التوبة والتصحيح، ونكرر الترحيب بك في الموقع.

مواد ذات صلة

الاستشارات