والدي يظلم أمي ويرتكب المخالفات والمحرمات!

0 2

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

مشكلتي كبيرة مع والدي، حيث أكرهه كرها شديدا، فهو ضال إلى درجة كبيرة. يعمل في الموسيقى، وهو على حد علمي حرام، دائما ما يهين أمي إهانة شديدة، ودائما ما يضربها لأسباب تافهة، لو علمتها لما صدقت أنه يفعل ذلك، ولكنها تسكت لأجلنا أنا وإخوتي، وإني لأشفق عليها.

ولم ينته الأمر إلى ذلك، بل يضربني أنا وأخي الأصغر مني وأختي التي في سن العاشرة، حيث أنا في سن السابعة عشرة، وإني أكاد أجزم -ولا أقصد شيئا بهذا- أن أخلاقنا ليست بالسيئة، وأرى أننا لا نستحق الضرب على ذلك. فمثلا: عندما كنت صغيرا، إذا تعثرت كنت أضرب بدلا من أن يرى ما بي، وإذا أخطأت عن غير عمد أيضا! ويشهد الله أني ما أخطأت بشكل كبير إلا قليلا.

وهو متحكم بنا لدرجة كبيرة، فلا يجعلني أخرج مع أصدقائي، وإن فعلت يقوم بالاتصال بي كل فترة فيفسد علي وقتي بتهديده لي إن لم أعد، وأكون بصعوبة قد مشيت، حتى صلاة الفجر يمنعني من النزول للصلاة لأنه نائم.

واكتشفت منذ فترة ليست كبيرة أنه يتواصل مع أصدقاء أجانب غير مسلمين، وأغلبهم فتيات، ومحتوى الكلام غير لائق، وقد شارف على الزنا، ولا يصلي إلا الجمعة، وإذا أفطر في رمضان لسبب ما لا يصوم ما فاته، وتوقف عن الزكاة.

وقام -والعياذ بالله- بالتطاول على نبينا بشكل غير مباشر، وإذا اعترضت يقوم بضربي، وأشك -ولكن لا أستطيع الحكم فالله وحده من يعلم- أنه ارتد عن الإسلام، دعوت الله كثيرا له بالهداية ولكنه يضل يوما عن الآخر.

والآن أنا بمرحلة أني لا أطيق النظر في وجهه ولا حتى محادثته، وأحاول قدر المستطاع ألا أعصي الله وأعقه، ولكني الآن أشعر بأني سأنفجر من الكبت الذي بداخلي.

لا أعلم إن كانت أمواله الحرام تؤثر فينا، ولا أعلم هل أحاسب على كرهي له، ولا أعلم كيف أعين أمي مما هي فيه.

أشعر بأني تائه وسط كل هذا، وأن الحمل يزيد على عاتقي، وخصوصا أني في الثانوية العامة وهي تحديد لمصيري الدراسي، وتبقى القليل جدا على امتحاناتي، وما يحدث يؤثر في مستواي الدراسي، مع العلم أني -والحمد لله- أفهم جيدا وأعتبر من المتفوقين.

أعلم أني أطلت، ولكن أرجوكم أريد جوابا لكل هذا، لعلكم تكونون سببا في إنقاذي وأهلي مما أنا فيه، فإني -وأعوذ بالله من هذا- أفكر في الانتحار.

أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.
نسأل الله تعالى أن يهدي والدك ويرده إلى الحق ردا جميلا، وأن يعينك أنت على بره والإحسان إليه، ويسهل لك ذلك.

ونصيحتنا لك -أيها الحبيب-: أن تلجأ إلى الله تعالى بصدق، وتسأله أن يعينك على الطاعة، ويحببها إلى قلبك، ومن هذه الطاعات: بر الوالد، والإحسان إليه مهما أساء، وقد أمر الله -سبحانه وتعالى- بالإحسان إلى الوالدين مهما بلغت إساءتهما للولد، وإن كانا من الكفار، فقد قال الله تعالى: {‌وإن ‌جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا}.

ومما لا شك فيه أن والدك وقع في مخالفات كثيرة، وتقصير في حق الله تعالى، وحق زوجته، وحق أولاده -إن كان الحال على ما وصفت في سؤالك- ولكن هذا كله لا يبرر لك الإساءة إليه، ولا التقصير في الواجبات عليك تجاهه، فننصحك بأن تستعين بالله تعالى لأداء ما فرض الله تعالى عليك من الإحسان إلى والدك، وأداء حقه عليك.

ومما يعينك على الإحسان إلى والدك رغم إساءته إليك هو: أن تتذكر أن الله تعالى جعله سببا في وجودك في هذه الحياة، وأنه قد أحسن إليك في مراحل من ضعفك، فأنفق عليك حين كنت فقيرا، وتولى الكسب عليك حين كنت عاجزا ضعيفا، ولا زال يفعل ذلك أيضا إلى الآن، ولهذه المعاني أوجب الله تعالى له هذا الحق الكبير.

فتذكرك لهذه المعاني يسهل عليك الإحسان إلى والدك، رغم إساءاته العديدة والكثيرة، والنافع لك وله هو أن تسعى بما تستطيعه من وسائل وأسباب لإصلاحه وتذكيره بالله تعالى، فإن كان لا يسمع النصح والتذكير منك أنت، فيمكن أن تستعين بالأسباب والوسائل المؤثرة عليه غيرك، كأن تستعين بأصدقائه وأقربائه الذين يؤثرون عليه، تطلب منهم أن يذكروه.

وأما وقوعك في الحكم عليه بالردة عن دين الإسلام ونحو ذلك؛ فإن هذا خطر عظيم، عليك أنت أن تحذر منه، فإنه لا يجوز لك الحكم على أحد من المسلمين بأنه قد ارتد عن الإسلام، فكيف بالحكم على الوالد؟!

الحكم على الشخص بأنه كافر، وأنه قد خرج من الإسلام أمر صعب، يحتاج إلى مؤهلات تفتقدها أنت، والحكم بالكفر لا بد له من تحقق شروط وانتفاء موانع، وهذا لا يفعله إلا العالم الشرعي، فاحذر من أن يستدرجك الشيطان نحو هذا المزلق.

واحرص -أيها الحبيب- على الشيء النافع، فإن النبي ﷺ يقول: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز).

ومجرد إلقاء الأحكام على والدك ليس فيه منفعة لأي طرف منكم، فلو بذلت وسعك وأنفقت جهودك في محاولات إصلاح أبيك لكان خيرا لك وله وللأسرة كلها، فاحرص على فعل هذا، واستعن بالله سبحانه وتعالى، وسيسهل الله تعالى لك الأمر.

وأما إساءته إلى زوجته فإنه أمر سيحاسب عليه هو، ولا حرج عليك في أن تحمي أمك من الظلم إذا أراد أن يظلمها، بما يمكنك من الوسائل والأسباب التي لا تقع بها في عصيانه وعقوقه، وحاول أن تصبر أمك وتذكرها بعواقب الصبر؛ فإن هذا ينفعها ولا يضرها.

إذا تعاملت مع الأمر بهذه الطريقة -أيها الحبيب- فإنه سيهون عليك، وستدرك أن الشيطان هو الذي يحاول أن يضخم ويعظم لك بعض الأمور، وهي ليست بتلك الدرجة، ومن ذلك ما يحاول أن يلقيه في قلبك من الضيق والهم والقلق، بحيث يدعوك إلى ارتكاب حماقة تندم عليها حين لا ينفعك الندم، ومن ذلك ما ذكرته من تفكيرك بالانتحار؛ فإن الانتحار ليس إلا انتقال من معاناة صغيرة سهلة منقطعة، إلى معاناة وعذاب دائم كبير، فاحذر أن يجرك الشيطان إلى الوقوع في هذه الحماقة.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يأخذ بيدك إلى كل خير، ويعصمك ويمنعك من كل شر ومكروه.

مواد ذات صلة

الاستشارات