السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
استفساري -يا شيخنا- بخصوص الزواج:
أنا مقبل على الزواج -بفضل الله تعالى-، ولا أفكر في شخصية معينة للزواج، واقترحت علي والدتي الزواج من ابنة أخيها، وأشعر من كلامها بتصميمها على هذه الفتاة، وستحزن أمي لو أن الأمر لم يتم، وأمي تقول: إني لن أندم -بإذن الله-، وترى بأننا مناسبان لبعضنا، وأنها فتاة جيدة جدا.
الحقيقة والشهادة لله، الفتاة أحسبها على قدر من الدين والخلق -ما شاء الله-، وهذا الظاهر لي، وهي على قدر من الجمال، ولكني متردد جدا.
حاليا أنا مسافر، وأمامي 6 أشهر للعودة، وأهلي يريدون مني خطبتها مباشرة بعد عودتي، ولكن لدي شيء من الوساوس، أحيانا أفكر أنها غير مناسبة لي، أو أننا لن نشعر بالارتياح لبعضنا، خصوصا أنه لا تواصل بيني وبينها إلا فيما ندر، لأنها من النوع الكتوم، علما أنها من العائلة، وهذا الذي سبب لي الوساوس.
وفي الجانب الآخر، شخص آخر اقترح علي بنتا من أهل البلد، لكن الوالدة لن توافق على أي أحد بسهولة باستثناء ابنة أخيها.
أنا لا أسأل عن حكم مخالفتي لرأي الوالدة في الزواج، ولكن هل موافقتي سيكون نوعا من أنواع البر بالوالدين؟ وهل يبارك الله هذه الزوجة والزواج؟ وما هو الحل للوسوسة؟
أحتاج إلى نصيحتكم -يا شيخ- لأني في قمة التردد والتشتت، وجزانا الله وجزاكم كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك حرصك على بر الوالدة، ونبشرك بأن البر عنوان لكل الخيرات، وهو سبب للتوفيق في الحياة، وفي كل ما يحتاجه الإنسان. والفتاة التي ذكرتها الوالدة -بنت أخيها- مناسبة جدا -كما أشرت-، وهي على قدر من الخلق والدين والجمال، فماذا تنتظر وقد اكتملت كل الشرائط المطلوبة في الزوجة الوفية الصالحة المناسبة؟!
وكون الفتاة لا تتجاوب معك؛ هذا مما تمدح به، ولأننا في بيئات العرب دائما والمسلمين عموما؛ الفتاة تعيش العفاف، وهذه نعمة من نعم الله علينا، ولكن بعد أن تعقد عليها وتصبح زوجتك وتصبح معك تحت سقف واحد؛ عندها سترى منها ما يسرك؛ لأن الخطبة ما هي إلا وعد بالزواج، لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته، ولا التوسع معها في الكلام، فكيف إذا كان الأمر مجرد كلام ومشاورات، ولذلك أرجو أن تقدر ظرفها في هذه الناحية، واعلم أن الذي تفعله تلك الفتاة هو الصواب.
هذه الوساوس ليست في مكانها، وهي من عدونا الشيطان؛ لأن الأمر كما قال ابن مسعود: "إن الحب من الرحمن، وإن البغض من الشيطان، يريد أن يبغض لكم ما أحل الله لكم"، واعلم أن الزواج من العائلة في مثل حالتك -أنت تعيش بعيدا عنها- غالبا هو الأوفق وهو الأدعى للنجاح والتوفيق.
ولذلك أرجو ألا تفتح على نفسك آفاقا أخرى، ركز مع الوالدة، واسع في رضاها، واعلم أن ما تقوم به من أعظم أنواع البر، وهو سبب للبركة في الزواج وفي الزوجة، أما الوسوسة فعليك أن تتجاهلها، وتتغافل عن وساوس الشيطان، وإذا ذكرك بهذه الأمور فاذكر الله، واستغفر الله، وتعوذ بالله من شر عدو لا يريد لك ولا يريد لنا الخير.
والتردد والخوف في مثل هذه الأوقات متوقع؛ لأن الإنسان يقبل على حياة جديدة، ويقبل على وضع جديد، ولكن كل ذلك سيزول عندما تتكون الرابطة الشرعية، فما بين الزوج والزوجة ميثاق غليظ، وهي أوثق العلاقات بين البشر.
فنسأل الله أن يسعدك، وأن يعينك على بر الوالدة، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.