أشعر بذنب عظيم تجاه تقصيري في علاج أبي في مرضه

0 2

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحياتي لموقع إسلام ويب والقائمين عليه.
أبدأ بسرد شكواي عليكم، لعلي ألقى منكم ردا يشرح صدري، ويريح قلبي.

تبدأ شكواي بعد مرض أبي المفاجئ ووفاته -رحمه الله- وفي البداية شعر أبي ببعض الأعراض، كان دائما يشتكي من آلام القولون والمعدة والانتفاخ، لكن هذه المرة اشتكى من آلام في منطقة الصدر، كان ذلك في الساعة الثالثة عصرا، فذهبنا إلى الصيدلي، وقاس له ضغط الدم، فوجده منخفضا. واشتكى له والدي من الأعراض، فقال له: انتظر الطبيب حتى يأتي، حيث كانت له عيادة بجانبه، وكان تخصصه الكبد والجهاز الهضمي.

انتظرنا الطبيب، وحضر بعد صلاة العشاء، فدخلنا إليه، وفحص والدي بجهاز، وأخبرنا بأن لديه بعض الالتهابات في المعدة وارتجاع المريء، ووصف لنا بعض الأدوية. وسألناه: هل هناك شيء في القلب؟ فأجاب بالنفي، وقال: لو كان هناك شيء في القلب، لأخبرتكم على الفور بالذهاب إلى المستشفى، ولكن لزيادة الاطمئنان، يرجى إجراء تحليل إنزيمات القلب.

خرجنا من عنده، وأجرينا تحليل الإنزيمات في نفس الوقت، واطمأننا إلى حد ما، لكن المعمل لم يخبرنا بالنتيجة إلا في صباح اليوم التالي، وأخبرنا بأن الإنزيمات مرتفعة، وأنه يجب نقل الوالد إلى المستشفى على الفور؛ لأنه يعاني من جلطة في القلب.

أسرعنا بأخذ أبي إلى المستشفى، وكانت الساعة العاشرة صباحا، وأجرينا له الفحوصات اللازمة، وعملنا رسم قلب، وتبينت إصابة أبي بجلطة في الشريان التاجي، وأخبرنا الطبيب بأن لديه جلطة مكتملة، وأخبرنا بأن الجهاز المخصص لقسطرة القلب معطل، وبانتظار الإصلاح في نفس اليوم. كنا في حالة من الهستيريا والفزع، وأخبرناه بأن علينا نقله إلى مستشفى آخر على الفور، ولذلك أشعر بذنب عظيم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

أولا: عظم الله أجركم ورحم الله والدكم، ونسأل الله تعالى أن يجعل ما أصابه من المرض كفارة، فقد جاءت الأحاديث مبينة أن المبطون شهيد، والمبطون المقصود به من أصيب بداء البطن، أي بداء في باطنه، فنسأل الله تعالى أن يجعل ما أصابه شهادة له، وأن يبلغه منازل الشهداء، ويغفر له ذنوبه.

ثانيا: ينبغي أن تدرك وتعلم يقينا -أيها الحبيب- أن الأجل لا يتقدم ولا يتأخر، كما قال الله تعالى: (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون)، والله سبحانه وتعالى إذا أراد أن يمضي قدرا يهيئ له الأسباب، فلا ينبغي الأسف والحزن على شيء قد قدره الله تعالى، فإن عمر الإنسان مكتوب قبل أن يخرج إلى هذه الدنيا.

ثم إنكم لم تفرطوا في الأخذ بالأسباب، فقد أخذتم بما أمكنكم من الأسباب، وعملتم ما ينبغي أن يفعله الإنسان من السبب، فقد ذهبتم بوالدكم للطبيب، وما جرى إنما هو إجراءات طبيعية معتادة، تحصل لكل من يصاب بهذا المرض، ولعل الله سبحانه وتعالى قدر هذا كله لتحقيق القدر الذي قد كتبه الله سبحانه وتعالى، من أن يموت في هذه الساعة وبهذا السبب.

قد عزانا الله تعالى في المصائب التي تصيبنا في كتابه الكريم فقال: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم).

لا ينبغي أبدا أن تشعر بذنب عظيم أو بتأنيب ضمير؛ لأنكم لم تقصروا في فعل ما ينبغي أن يفعل، وما كان هو قدر الله تعالى الذي سيقع لا محالة، ولن تنفع الأسباب لدفعه ما دام قد كتب، فأرح فؤادك من (لعل) ومن (لو) وقل ما أرشد إليه النبي عليه الصلاة والسلام: (قدر الله وما شاء فعل ولا تقل: لو أني فعلت كذا وكذا لكان كذا فإن لو تفتح عمل الشيطان). هكذا جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

نسأل الله تعالى أن يغفر لوالدك، ونوصيك بالإحسان إلى هذا الوالد والقيام ببره بعد مماته بما تقدر عليه، من الدعاء له، والاستغفار، والتصدق إن قدرت على الصدقة؛ فإن ذلك من البر الذي ينفعه بعد موته.

وفقك الله لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات