أتوب وأرجع إلى المعصية مرة أخرى، فهل يقبل الله توبتي؟

0 2

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شخصية عادية، وأمارس يومي بشكل عادي، منذ فترة لم أكن قريبة من الله، كنت أصلي وأدعو الله عند وجود مصيبة أو ابتلاء.

منذ سنتين أو أكثر، بدأت بالانتظام في الصلاة، والمداومة على الأذكار في الصباح والمساء، لكن في كل مرة أتقرب إلى الله؛ يكون تقربي بسبب الابتلاء ومعاناتي من: التعب النفسي، والخوف، والقلق بشكل مستمر، ومع الله يذهب كل ذلك، علما أن سبب الابتلاء في كل مرة، هو ارتكاب الذنب نفسه، وحينما أتعب نفسيا أبكي وأطلب التوبة والمغفرة، وأقول: لن أكرر ذلك مرة أخرى، وبعد فترة أعود لنفس الذنب، مع المحافظة على الصلاة والأذكار.

سؤالي: كيف أتوقف عن القيام بهذا الذنب؟ وهل يغفر الله لعبده ويقبل توبته أكثر من مرة مع تكرار الذنب؟

أرجو الرد بشكل مفصل، ومن دون الحكم على ما قلته، وشكرا جزيلا مقدما على المساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مجهولة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.

أولا: نهنئك بفضل الله تعالى عليك وإحسانه إليك، حين حبب إليك الصلاة والإكثار من الذكر؛ فهذا فضل عظيم، ينبغي أن تقابلي إحسان الله تعالى إليك بمزيد من الشكر، والله تعالى يحب الشاكرين ويزيدهم بسبب شكرهم، وأنت تحفظين قول الله تعالى: {وإذ تأذن ربك لئن شكرتم لأزيدنكم، ولئن كفرتم إن عذابي لشديد}، ومن شكر الله تعالى: الدوام على الطاعات، ومجاهدة النفس لاجتناب المعاصي والسيئات.

وأما بخصوص هذا الذنب الذي تفعلينه، فقد أحسنت أولا حين أدركت أن ما يصيب الإنسان من مصائب وآلام، إنما هو بسبب عمله، فإن الذنوب بوابة لكل الشرور، وسبب للحرمان من الخيرات، وسعادة الدنيا؛ وبعد ذلك سبب للحرمان من أقساط من سعادة الآخرة؛ فإدراكك لهذه الحقيقة وتذكرك لها هو أيضا توفيق من الله تعالى، ويبقى أن تجاهدي نفسك بعد ذلك للعمل بمقتضى هذا الفهم.

وأن تدركي تماما أن السعادة والراحة إنما هي في طاعة الله تعالى، كما قال سبحانه: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}، وقال سبحانه: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة}، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جدا.

وتألم القلب وتأنيب الضمير للإنسان حين يقع في الذنب، هو أول الخير الذي يفتح الله تعالى به على الإنسان، وينبغي أن يواصل السير بعد ذلك، بأن يأخذ بالأسباب التي تعينه على التوبة، وتجنب المعاصي، فالندم الحاصل في القلب بسبب ارتكاب المعصية، هو بحد ذاته جزء من التوبة، ولذلك قال -عليه الصلاة والسلام-: "الندم توبة".

وحتى تكتمل التوبة: عليك أن تعزمي وقت التوبة، تعزمي في قلبك على ألا ترجعي إلى هذا الذنب في المستقبل، وتقلعي عنه في الحال، فإذا فعلت هذه الأمور الثلاثة، فإن هذه التوبة يقبلها الله تعالى، ويمحو بها ذنبك، فقد قال الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له".

ووعد الله تعالى في كتابه أنه يبدل سيئات التائب حسنات، كما في آخر سورة الفرقان؛ فأبشري بفضل الله تعالى ورحمته، وأحسني ظنك بالله تعالى، وإذا زلت قدمك مرة ثانية، وأغواك الشيطان، وزينت لك نفسك القبيح، فوقعت مرة ثانية في الذنب، فعليك أن تبادري وتسابقي إلى توبة أخرى، فإذا فعلت ذلك، فإن الله تعالى يتوب عليك مرة ثانية، وهكذا.

وقد جاء هذا في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم حين قال الله تعالى: "أذنب عبدي ذنبا، فقال: أي رب أذنبت ذنبا، فاغفره لي، فقال الله: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم أذنب ذنبا، فقال: أي رب أذنبت ذنبا، فاغفره لي، فقال: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، وهكذا ثلاث مرات.. ثم قال: اعمل ما شئت، فقد غفرت لك".

يعني أنه كلما تاب الإنسان غفر الله تعالى له، فلا تدعي الشيطان يحول بينك وبين التوبة، ويقنطك من رحمة الله تعالى، لكن احرصي كل الحرص على أن تكون التوبة صحيحة، ومن أركان التوبة التي لا تصح إلا بها، أن تعزمي في قلبك أنك لن ترجعي إلى الذنب في المستقبل، لكن إذا وقع بعد ذلك ضعف، وحصل منك الذنب مرة ثانية، فتوبي مرة أخرى، وهكذا.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات