جدتي تسيء إلينا ووالدنا يقف في صفها، فكيف نتصرف؟

0 22

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كيف أتعامل مع أبي؟ فهو من النوع العصبي والطائع لأمه، رغم أنه يعرف أن أمه لا تحبني، ولا تحب أخواتي، ولا أمي، فنحن رغم أننا نطيعها، ونحسن إليها فإنها ترد علينا بالإساءة، ودائما ما تجرحنا بكلامها وأفعالها، فلذلك نحن لا نطيق الجلوس معها، ورغم أن أبي يعلم بذلك إلا أنه يغضب علينا، ويجرحنا بالكلام لتعاملنا معها بتلك الطريقة.

فكيف أتعامل مع أبي ومع أمه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جودي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله أن يفرج همكم، ويصلح أحوالكم، ويعجل لكم بالفرج القريب. لقد قسم الله الأخلاق بين الناس، كما قسم الأرزاق، فأعطى البعض، وحرم آخرين. ولا شك أن هذا ابتلاء من الله تعالى يتطلب منك الصبر، وحسن التعامل؛ لتجنب الأضرار النفسية، وغيرها بقدر الإمكان.

ورغم قسوة بعض الآباء، أو عصبيتهم، فإن الله أمر ببر الوالدين، والتلطف في معاملتهم، حتى وإن كانوا على ضلال أو كفر، باستثناء الطاعة في المعصية، فالإحسان إليهم واجب، كما قال الله تعالى: "فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما".

أما طاعة والدك لوالدته (جدتك)، فهي محمدة، ونعمة يشكر عليها، فللأم حق عظيم، وطاعتها في المعروف، والإحسان إليها واجب، ومع ذلك لا يجوز له طاعتها في معصية أو ظلم؛ لذا ينبغي توضيح هذا الأمر له بالكلمة الطيبة، والنصيحة باللين.

الحب والكره قد يكون لهما أسباب ظاهرة أو باطنة، فما تعلمينه من أسباب الكره والغضب الظاهرة، اجتهدي في تجنبها، وإصلاحها، أما الكره الذي قد يكون خفيا، أو باطنيا فلا سبيل لتغييره، وكل ما عليك هو القيام بواجبك تجاه والدك وجدتك، والالتزام بما عليك من حقوق البر، والطاعة بالمعروف، والصبر على ذلك، واحتساب الأجر والثواب عند الله تعالى، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
(ما يصيب المسلم، من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه )، وحتى تقللي من هذه المشاكل، ننصحك ببعض الأمور التي قد تساعدك:

أولا: اجتهدي في معرفة الأسباب التي تثير غضبها وكرهها، وحاولي توضيح خطئها بهدوء في حوار معها، أو مع والدك.
ثانيا: تجنبي كل ما يثير غضبها أو انفعالها سواء في الأفعال أو الأقوال.
ثالثا: بادري إلى الإحسان بقدر استطاعتك؛ فالقلوب القاسية قد تلين بالإحسان.
رابعا: تجنبي المواجهة والتصعيد مع والدك أو جدتك؛ فهذا يزيد من تعقيد المشاكل.
خامسا: استغلي الأوقات والمناسبات التي يكون فيها الجو مريحا، مثل الأعياد، وقومي بتلطيف الأجواء بالهدايا، أو تصرفات لطيفة تعمق المحبة والألفة بينكم.

سادسا: إذا استمر هذا الوضع فما عليكم سوى الصبر، فالكثير من الأوضاع التي لا نرضى عنها نجد أنا مضطرين للتعايش معها؛ من أجل المحافظة على واجبات شرعية، أو التزامات أخلاقية، وأرجو ألا توصلوا الأمور إلى أن تجعلوا أباكم في خيار بين خسارتكم أو خسارة أمه؛ لأنه سيختار أمه بالتأكيد، فما عليكم سوى الصبر وأن تسددوا وتقاربوا، وتتغافلوا أحيانا، ولكم في ذلك الأجر والثواب الكثير، قال تعالى: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال صلى الله عليه وسلم: "لئن كنت كما تقول، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك." رواه مسلم .(2558).

لا تجعلي هذه الأجواء تؤثر عليك نفسيا، فربما تؤدي إلى إعاقة تقدمك، أو تحقيق طموحاتك، أو إدخالك في حالة من الاضطرابات النفسية المختلفة، وحاولي التعامل مع الواقع بنوع من الهدوء، واعتبريه تحديا يجب التغلب عليه، ولا تسمحي له أن يعيق حياتك في كل جوانبها.

يمكن إذا تعذر الحل طلب تدخل شخص تثقين به من الأرحام ليتحدث مع والدك أو جدتك؛ فقد يكون ذلك أكثر تأثيرا.

أخيرا: أكثري من الدعاء والتضرع إلى الله تعالى أن يصلح حال والدك وجدتك، وأن يبدل هذا الحال إلى خير، وانشغلي بكل ما ينفعك من مهارات وأنشطة مفيدة تخرجك من هذا الجو المتأزم، وتقربي إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة؛ فهذا سيحقق لك الأمن النفسي والاستقرار الروحي، ويعينك على مواجهة كل هذه التحديات.

وفقك الله ويسر أمرك.

مواد ذات صلة

الاستشارات